في المدرسة الثانوية، طلبت منا معلمة اللغة الإنجليزية إحضار مغلف نرسله لأنفسنا. وأعطتنا بعض الأوراق، وطلبت من كل منا أن يكتب خطابا لنفسه المستقبلية. لم أعرف قيمة الأمر في ذلك الوقت، ولكنني أدرك الآن أنها كانت تسدي معروفا كبيرا لنا جميعا. لقد كانت تبعث هدية لأنفسنا المستقبلية.
بعد أن كتبنا الخطابات، جمعتها المعلمة، وأخبرتنا أنها سترسلها لنا بعد خمس سنوات، حين يتخرج أكثرنا من الجامعة.
لن أنسى أبدًا قراءة ذلك الخطاب عندما عاد إلي بعد خمس سنوات، كما وعدت. لقد كانت فرصة نادرة تعكس بصدق مرور الوقت، وتعكس نمو شخصيتي في تلك الفترة التكوينية من حياتي.
يمكنك ممارسة هذا التمرين الرائع مهما بلغتَ من العُمْر. كتابة خطابٍ لنفسك تمنحك البصيرة، وتعلمك دروسا قيمة تعيش معك طويلا.
ازرع الامتنان
الشعور بالامتنان من أفضل أسباب الصحة النفسية؛ لأنه يُقلِّل التوتر، ويساعدك على معرفة ما لديك. إذا كنت بصدد كتابة خطابٍ لنفسك، فالتعبير عن الامتنان أحد أحكم الأشياء التي قد يشملها الخطاب.
عندما تفتح الخطاب بعد سنوات، قد تكون نسيت ما كتبته فيه. لذا، ابعث لنفسك بهدية، وخفف بعض الأفكار التي تشعر بها اليوم.
املأه بالتأكيدات الإيجابية، والتقدير لشخصك. وعندما يحين الوقت لفتحه، ستشكرك نفسك المستقبلية.
زيادة الوعي الذاتي
هل سبق لك أن عدت وتفحصت مشاركات الفيسبوك القديمة لك؟ الأمر مؤلم، أليس كذلك؟! إنه كالاستماع إلى تسجيل لصوتك.
ليس الأمر مريحًا. إنها مشقة صحية؛ لأنك تواجه عيوبك. أنت مُحرَجٌ من سذاجتك، ونقص الوعي الذاتي لديك. وهذا في الواقع أمرٌ جيد؛ لأنه يظهِر لك مدى نضجك.
عندما فتحت خطابي بعد خمس سنوات، كنت في صدمةٍ من أمرين: كَم تغيرت في أمور، وكَم بقيت كما أنا في أمور أخرى! من المذهل كيف ننضج ونتغير لنصبح ما نحن عليه الآن! وفي الوقت نفسه ما زلنا الأشخاص أنفسهم!
كل مراوغاتك وأنماط تفكيرك ستَظهَر لك واضحةً وضوح النهار؛ فاخط خطوة، وافهم ما يجعلك نفسك.
اصنع مستقبلك
أين ستكون بعد خمس سنواتٍ من الآن؟ من تريد أن تكون؟
ربما تكون عالقًا في وظيفة لا طموح بها، أو تكون قد تخرجت لتوك ولست متأكدا بعد من مستقبلك. قد يبدو لك أن أفضل أيامك قد ولَت.
يساعدك هذا التمرين على الخروج بأفكارك من الحاضر، والتركيز على المستقبل. اجلس واكتب خطابًا لنفسك بعد ثلاث سنوات وخمسٍ وعشرٍ. قُل لي حينها إنك لا تشعر بالأمل وبالحماس نحو مستقبلك.
دَعْ عقلك يفكر بحرِّية. احلم أحلامًا كبيرةً، واجعل طموحك كبيرًا. ما المبادئ التي ستحكم حياتك؟ ما الذي ترغب في تحقيقه؟ وكيف ستفعل ذلك؟ إذا تصوَّرت مستقبلك بوضوح، فسيصير نبوءةً تتحقق من تلقاء نفسها.
قدر مرور الوقت
ذات يومٍ، ستنتهي مسيرة حياتك. إنها إرادة الله، ولكن الطبيعة البشرية تتجنب التفكير في ذلك الأمر. وقد ننشغل بوظائفنا ومتطلباتها، ونمط الحياة السريع، فلا نرى الصورة من بعيد.
بدلاً من التفكير يومًا بيوم، يمكننا الاستفادة عند تحدِّي أنفسنا؛ بالتفكير في السنوات والعقود. الحياة بتلك الطريقة تُعلِّمنا الصبر والثقة في كل عمل. تَحَدَّ نفسك، وفكِّر لأبعد من يومك الحالي. إرسال خطابٍ لنفسك يدفعك للقيام بذلك.
الأمر به تناقضٌ، ولكنه يخلق بداخلك إحساسًا بضرورة كل عمل. عندما تَحضُر فكرة الموت والهِرَم إلى الذِّهْن، يكون من السهل على المرء أن يدرك قِصَر الحياة، ويدرك أن عليه أن يُسرِع ليحصل منها على أكثر ما يستطيع.
أهد لنفسك ذكرى
هل أنت على وشك الالتحاق بالجامعة أو الزواج أو الانتقال إلى مدينةٍ جديدة؟ إذا كنت على وشك البدء في رحلةٍ جديدةٍ، فما من طريقة للاحتفال ببدء رحلتك أفضل من كتابة خطاب لنفسك. سيصير ذلك الخطاب لقطةً من حياتك في لحظةٍ من الزمن، وسيدفعك الحنين إلى الماضي إلى الرجوع للخلف، وتذكر ما كنت تفكر فيه في تلك اللحظة الحاسمة من حياتك. هل كنت قلقًا بشأن أمر مرهق اكتشفت في النهاية أنه أمر بسيط، أم أنك ربما قد نسيت أن تتوقف وتشم رائحة الورود؟
يمكنك أن تجعل ذلك الأمر عادة سنوية. أرسل خطابا لنفسك كل عام، ولكن لا تفتحه إلا بعد مضيِ خمس سنوات. بهذه الطريقة، وبمجرد أن ينضج الخطاب الأول بعد خمس سنوات، سيكون لديك سيل مستمر تقرؤه وتسعد به كل سنة لبقية حياتك.
كيف تفعلها؟!
إليك هذا الموقع البسيط (futureme.org) FutureMe.org، الذي يتيح لك إرسال بريدٍ إلكترونيٍّ لنفسك، تتسلَّمه في وقتٍ لاحق.
وللقيام بذلك بشكلٍ سلسٍ وأكثر سهولة، إليك Five Year Letter .(fiveyearletter.com) عند الاشتراك، يُرسل لك هذا الموقع خطابًا بريديًّا ليُوجِّهك في هذه العملية، ثم تُرسله أنت ثانيةً في الظرف المدفوع مُسبقًا وتنتظر.
بالطبع، يُمكنك أن تفعل ذلك بنفسك، طالما ستتذكر أن تفتحه. ويجب أن تقاوم رغبتك الشديدة في فتحه سريعًا. ولا تَنْسَ أن تُؤرِّخه!
ماذا تكتب؟!
- قدم النصيحة لنفسك. استخدم ضمير المخاطب لتجعل النصيحة شخصيةً ومُباشِرةً بشكل أكبر.
- ما أهدافك المهنية والرومانسية والفكرية والمالية والرُّوحية والشخصية؟ كلما أتقنت التحديد، زادت فرصتك لرؤية مدى تطورك.
- ما أكثر ما يُقلِقك بشأن مستقبلك؟ ما الذي يُؤرِّقك ليلًا؟
- ما الأخطاء التي وقعتَ بها؟ ما أكثر شيءٍ تندم على فعله؟
- ما الذي يُثِير حماسك؟ كيف تبدو حياتك المثالية؟
- ما الكتاب المُفضَّل لديك هذا العام؟ كيف كان تأثيره فيك؟
- مَن هم أهم خمسة أشخاص في حياتك؟ ولماذا؟
- هذه مجرد بداية، والأهم أن تكون صادقًا ومهتمًّا. اكتب خطابك وأرسله، ثم انْسَ كل شيءٍ عنه حتى تُفاجَأ به فيما بعدُ. ستشكرك نفسك المستقبلية!
حتى ذلك الحين، عِش حياتك! فما هي إلا ما تفعله.