قد يكون لديك سيارة أو دراجة بخارية. وبالطبع، إذا كنت تقرأ هذه المقالة فلديك عقل. لكن السؤال: لماذا يحرص الإنسان على أن تكون سيارته أو دراجته في أبهى حلة (تغيير الزيت، وضبط ضغط الإطارات، والغسيل المتكرر)، بينما لا يهتم بتنمية عقله وتدريبه؟!
أغفلت كثير من الدراسات التي تناولت مسألة “تدريب العقل” الشباب وصغار السن، على الرغم من أن للتطورات الحديثة في العلوم العقلية آثارا ضخمة على المراهقين والبالغين من جميع الأعمار.
أوضح عالم الأعصاب الشهير، ياكوف شتيرن، كَم كانت دهشته بالغة حين التقى بأحد المحررين الصحفيين الذي رغب في إجراء حوار معه؛ لأنه يريد كتابة مقالة تحفز الأطفال على الاستمرار في الدراسة حتى يتمكنوا من بناء المخزون المعرفي لديهم بشكل جيد.
ما هو المخزون المعرفي؟
تكشف الأبحاث التي أجريت منذ تسعينيات القرن الماضي أن من يعيشون حياة مفعمة بالتحفيز العقلي من خلال تعليمهم أو وظائفهم أو هواياتهم، فإنهم يكونون مخزونا معرفيا في عقولهم؛ فالتحفيز العقلي يؤدي إلى إنتاج خلايا عصبية جديدة، وتقوية الروابط بينها، مما يؤدي إلى أداء عقلي أفضل، بالإضافة إلى انخفاض احتمال الإصابة بأعراض مرض الزهايمر.
وفي الوقت الحالي، لا يزال الكثير من الناس يفضلون الاهتمام بسياراتهم أكثر من اهتمامهم بتدريب عقولهم وتحسين أدائهم العقلي. ولا يستفيد الكثير من الشباب ومن هم في مرحلة منتصف العمر من الأبحاث التي تتناول موضوع تنمية العقل وتدريبه. ومما لا شك فيه أنه لا يزال هناك الكثير من الأمور التي لم تتكشف بعدُ فيما يتعلق بالتدريب المعرفي وتنمية العقل. وعلى الرغم من أن الأمر لا يزال بحاجة إلى مزيد من البحث والدراسة، فإن هذا لا يعني أنه لا يمكنك البدء على الفور في الاهتمام بتنمية عقلك وتدريبه.
نستطيع الحفاظ على عقولنا وتنميتها من خلال التركيز على أربعة جوانب أساسية، هي: ممارسة الرياضة بانتظام، وتناوُل طعام صحي متوازن، وتعلم أساليب فعالة لإدارة التوتر والضغوط، والانتظام في التدريبات العقلية. وتحظى إدارة التوتر والضغوط بأهمية كبيرة؛ إذ إن التوتر يقتل الخلايا العصبية، ويقلل معدل إنتاج الخلايا الجديدة.
ممارسة الرياضة
تُعزِّز ممارسة الرياضة الوظائف العقلية، وتساعد على تحسين التعلم عن طريق زيادة ضخ الدم وإفراز هرمونات النمو. فإذا لم يتوفر لديك الوقت الكافي، فاحرص على ممارسة تدريبات القلب والأوعية الدموية، التي تزيد معدل ضربات القلب لديك، مثل: المشي والركض، والتزلج والسباحة، وركوب الدراجات، والتنس وكرة السلة.
الطعام الصحي المتوازن
كقاعدة عامة، ما يفيد جسمك بالضرورة سوف يفيد عقلك؛ لذا احرص على تناول أطعمة ذات ألوان متنوعة، وتجنب الطعام المعالَج. وتجدر الإشارة إلى أن بعض المكملات الغذائية لها فوائد كبيرة جدا على المدى البعيد فيما يتعلق بالذاكرة والوظائف المعرفية. واحرص كذلك على تناول أسماك المياه الباردة، مثل: سمك التونا والسلمون، والماكريل والهلبوت، والسردين والرنجة؛ فهي غنية بالأحماض الدهنية أوميغا 3. ولا تنس تناول الخضراوات ذات الأوراق الخضراء.
إدارة التوتر والضغوط
تحظى إدارة التوتر والضغوط بأهمية كبيرة؛ إذ إن التوتر يقتل الخلايا العصبية، ويقلل معدل إنتاج الخلايا الجديدة. يمكنك ممارسة التأمل أو اليوجا، أو غير ذلك من الأنشطة التي تبعث على الهدوء والاسترخاء. وإذا أردت أدوات أكثر تقدمًا، يمكنك الاستعانة بأجهزة الارتجاع البيولوجي، التي يمكنها قياس معدل ضربات القلب، وإظهار مستويات التوتر. أيضًا، تستطيع أن تجلس في مكان هادئ وتتنفَّس بعُمْق لمدة 5 أو 10 دقائق لتستعيد توازنك.
ممارسة التدريبات العقلية
تستطيع التدريبات العقلية زيادة سرعة إنتاج الخلايا العصبية، وتعزيز فرص بقائها. كما أنها تقوي الروابط بين الخلايا العصبية، ومن ثم تساهم في تحسين الوظائف المعرفية العامة.
ولكي تأتي التدريبات العقلية بثمارها، لا بد أن تتسم بالجدة والحداثة، والتنوع والتحدي. فإذا لم يتح لك سوى شيء واحد فقط، يمكنك أن تتعلم شيئا واحدا فقط كل يوم مهما كان هذا الشيء صغيرا.