كيف تبدو لك الحياة المثالية؟ لنفترض أنك روائي تؤلِف قصة عن شخص خيالي يعيش حياة رائعة وبديعة تماما، كيف يبدو لك ذلك الشخص؟ هل نستطيع أن نحظى برؤية واضحة للحياة كرؤيته تلك؟ نعم، يمكننا!
إن استطعنا معرفة جوانب تلك الرؤية، والخطوات اللازمة لتحقيقها، فسنحظى بحياة مثلها. لذا، يجب أن تمتلك رؤية واضحة لما تريد، وكيف تريد أن تحيا.
أمامك دائما اختياران لا ثالث لهما: إما أن تقرر لنفسك، وإما أن يقرر الآخرون لك. فإن اخترت أن يقرر الآخرون لك، فأنت في مأزق، فسيتحكم فيك الجميع. إنهم جميعًا مُخطِئون؛ فالاختيار الصحيح بحوزتك أنت، فلا تدعهم يقررون لك كيف تعيش.
امتلاك رؤية يعني أن تعيش حياة واعية مليئة بالحيوية
فرؤيتك للحياة تنير طريقك؛ لأنها كل شيء. إنها الدافع الذي يجعلك تستيقظ كل يوم، والوقود الذي تأخذ منه طاقتك للمستقبل. تلك الرؤية هي ما تريد؛ لأنه كما تقول باربرا ماركس هابارد: “دون رؤية يَهلك الناس، وبها يزدهرون”.
كن مخلصا وصادقا مع نفسك في رؤيتك، فمثلًا إن أردت أن تشتري سيارة جديدة، فاسأل نفسك عن السبب: هل تريد أن تشتريها لتكون سعيدا؟ وإن أردت أن تبدأ عملك الخاص، فلماذا؟ وهكذا!
يجب أن تعرف نفسك أولاً
فلن تتمكن من وضع رؤيتك إن كنت تجهل ذاتك. اسأل نفسك الآن: مَن أنا؟ ما مبادئي؟ ما نقاط قوتي؟ ما الذي يحفزني؟ إن كان لديَ ثلاث ساعات لفعل شيء، فماذا سأفعل؟ ما أهدافي وأحلامي؟ ما العمل الذي أريد أن أقضي فيه بقية عمري؟ ما التغيير الذي أريد أن أحدثه في العالم؟
ويجب أن تدرك أنك لن تجد تلك الرؤية من المحاولة الأولى، بل هي عملية مستمرة، وما عليك إلا البدء ولو بفكرة بسيطة عما تريد، وبمرور الوقت ستتطور رؤيتك وتغدو أكثر وضوحًا وصفاء. والمهم أن تبدأ؛ ففكرة بسيطة أفضل من لا فكرة على الإطلاق.
دعني أطرح عليك سؤالاً: هل نتبع المال أم الشغف؟!
لقد حير هذا السؤال كثيرا من الناس؛ فدائما يخبرني الجميع أنهم حصلوا على عمل بمقابل مادي جيد وتأمين، ومميزات عديدة أخرى ضمن ما يراه المجتمع “حياة سعيدة”؛ لكن أين الشغف من كل هذا؟! ألا تريد أن تشعر بالحياة في أثناء عملك؟ ألا تريد أن تحافظ على إنسانيتك ولا تضطر لفقدانها مقابل القيام بمهامك؟!
بالطبع عليك تقديم تنازلات أحيانًا، لكن لم لا تكتشف شغفك وتخطط لأن تحيا حياة يملؤها هذا الشغف؟! لِمَ لا؟!
الطريق وعر بالتأكيد؛ لأنه يختلف عن كل ما نعرفه. قد يكون غير تقليدي أحيانا، وقد يكون واضحا أو قد يملؤه الضباب! قد ينجح أو يفشل..
ولكن عندما نبدأ، هل نتبع المال أم الشغف؟!
يرى جوزيف كامبيل أن “نتبع الشغف، ولا نتبع المال أبدًا؛ لأنك إن ركضت خلف المال، فقد لا ترى السعادة أبدًا؛ لكن إن اتبعت شغفك، فستكون سعيدًا ولو لم تجن أي مال”.
وأنا أتفق مع هذا الرأي، وهو مثل رأي آلان واتس: “ما الذي تتوق إليه وتحب أن تفعله؟ على أي حال تحب أن ترى نفسك؟ عادة ما أوجه تلك الأسئلة للطلاب في محاضرات التوجيه المهني.
يقول الطلاب دائما إنهم يتخرجون وليس لديهم أدنى فكرة عما يودون أن يفعلوه بعد التخرج؛ لذلك أسألهم دائمًا: “ماذا تُحبون أن تفعلوا إذا لم يكن المال موجودًا؟ وكيف تستمتعون بوقتكم؟”
تذهلني الإجابات؛ فهناك مَن يريدون أن يصيروا رسامين أو شعراء أو كتابا، ومَن يريدون أن يكونوا مغامرين ويركبوا الخيول؛ ولكنهم يعلمون أن فعل كل تلك الأشياء لا يجني مالا. لذا أقول لهم أن يكونوا ما يحبونه ويرغبون فيه، وألا يعلقوا حياتهم على المال؛ لأنهم إن فعلوا ذلك، فستضيع حياتهم تماما، وسيفعلون أشياء لا يحبونها من أجل أن يبقَوا على قيد الحياة. وهذا أمر غبي؛ لأن عيش حياة قصيرة سعيدة أفضل من عيش حياة طويلة بائسة. في الحقيقة، إن كنت تفعل شيئا تحبه، فستتقنه بمرور الوقت؛ لأن المرء يتقن ما يحبه حقا. وإن أتقنت شيئا، فسيمكنك أن تتكسب منه، أيا كان هذا الشيء. ولهذا من المهم جدا أن نجيب عن هذا السؤال: ما الذي أتوق إليه؟!”
تستطيع أن تتبع شغفك وتنجح في الوقت نفسه، لكن الأمر يتطلب الجهد والنية الصادقة لتحقيقه. أما وضع الخطة الملائمة وتجميع الأفكار والبحث عن الطريق الصحيح والنجاح، فكل ذلك يعود إليك؛ فلا توجد وصفة مثالية تماما لتتبعها.
وإليك هذه العوامل الثلاثة لتضعها في الاعتبار في أثناء التخطيط:
- شيء أنت شغوف به.
- شيء تجيده.
- شيء يفيد العالم.
لديك الآن سؤالان لتتأملهما حتى تتضح رؤيتك أكثر:
ما هدفك في الحياة؟ وما الذي يمكنك وحدك أن تضيفه للعالم؟