ما المؤسسات وكيف تعمل؟
تعتبر المنظمات ضرورة اجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية وثقافية لا بد منها للبقاء والصمود في وجه الأخطار المحتملة لأنها تقوم على العمل الجماعي المشترك بهدف اكتساب هوية وبناء حضارة وصناعة التاريخ وبناء المستقبل وعلى الرغم من وجود المنظمات في الماضي بأشكال مختلفة شملت: الأسرة والقبيلة والجيش والدولة ذات الحدود المعترف بها إلا إن المنظمات بمفهومها الحديث لم تنشأ إلا قبل قرنين من الزمن عندما تكونت مؤسسات ذات أهداف محدودة ومتخصصة شملت: المدارس والجامعات الحديثة والشركات ومنظمات الأعمال والمزارع التعاونية والجيوش ذات الهياكل المتطورة ومراكز الأبحاث وغير ذلك من المؤسسات التي تتشكل من أفراد ينضمون إليها بناء على تخصصاتهم ووظائفهم رغم أنهم لم يكونوا يعرفون بعضهم من قبل وعليه فإن المؤسسة بمفهومها الحديث هي:
“منظمة تلعب دورها في الحياة والعمل والإنتاج وإثراء المجتمع من خلال جهود جماعية مشتركة وموحدة تتجه دائما إلى تحقيق هدف كبير وموحد وأهداف متعددة ومتكاملة ومتفق عليها رغم تنوعها وتغيرها من حين إلى آخر ومن ثم فإن المنظمات يمكن أن تشمل أنماط متباينة مثل:
مؤسسات الأعمال الكبيرة والصغيرة – مراكز الأبحاث – شركات الأدوية – المستشفيات – البنوك – شركات التأمين الصحي – شبكات المدارس – رياض الأطفال والمعاهد والكليات والجامعات المانحة للدرجات العليا – المنظمات غير الهادفة إلى الربح التي ازدهرت في العقود الأخيرة لأنها توفر فرصا تختلف في أهدافها وطرق عملها عن الشركات الهادفة إلى الربح فقط.
ولكن على الرغم من الإنجازات العظيمة التي حققتها المؤسسات فهناك من يرى أن طرق العمل وأساليب الإدارة التي تنتجها المنظمات المختلفة قد استنزفت تماما.
ومن الدلائل هذا الاستنزاف أن الموظفين لم يعودوا يستمتعون بأعمالهم ولا يؤمنون بأهدافها وفقدوا حماسهم تجاهها كما أن كبار التنفيذيين لا ينكرون معاناتهم وعدم إحساسهم بالسعادة والرضا عن نتائج أعمالهم حيث باتوا يشعرون بالمزيد من الضغوط في ظل بيئات عمل تتطلب بذل المزيد من الجهود وشعورهم بشيء من الفراغ والإحباط بسبب الصراعات الداخلية للوصول إلى القمة والألاعيب السياسية التي لا تخلو منها أية منظمة ومن ثم فقد اتخذت المؤسسات واحدا من أربعة أشكال أو ألوات هي:
الأحمر – الأصفر – الأخضر – البرتقالي
لكل منها سماته ومميزاته وعيوبه وفي محاولاتهم لتطوير نموذج متكامل أو مثالي حاول خبراء التطوير التنظيمي ابتكار نموذج واحد يجمع بين مميزات الأنواع الأربعة وذلك بعد تزايد الإحساس بأن ممارسات الإدارة صارت قديمة وجامدة كلما توغلنا في القرن الحادي والعشرين. وقد عبر “بيتر دراكر” فيلسوف الإدارة الشهير عن هذا قائلا:” لا يكمن خطر الاضطراب والفوضى في الإضراب نفسه وإنما في تعاملنا معه بمنطق قديم وبأساليب عفي عليها الزمن”.
المؤسسات في الماضي والحاضر: أشكالها وألوانها:
المؤسسات الحمراء
وهو يعبر عن الآتي:
- استخدام رئيس المؤسسة لسلطاته بشكل مستمر لتنظيم قواته.
- الخوف يسود ثقافة المؤسسة.
- تركيز على الأهداف قصيرة المدى.
وتوجد هذه المؤسسات أكثر في البيئات التي تسوده الفوضى ومن أمثلتها: العصابات – ومنظمات التهريب – الإرهاب – التجارة غير المشروعة. رمزها: قطعان الذئاب تعيش في حركة مستمرة وتلتمس قوتها وترتحل في مجموعات وهي مناسبة للتشكيلات العصابية التي يسودها الخوف وتزدهر في المناطق التي تسودها الفوضى.
المؤسسات الصفراء
وهو يعبر عن النسقية والنمطية وقوة التأثير ونجدها تتسم بما يلي:
- تمارس فيه السلطة من أعلى قمة الهرم الإداري حيث يتم كل ما يجب عمله وكيف يتم تنفيذه.
- بالاستقرار والنمطية والتماثل والهياكل النسقية.
- تتسم أدوار العاملين بالثبات.
- توزيع العمل بشكل هرمي.
- إنجاز عملياتها من منظور بعيد المدى (مثل خطط التعليم التي يستغرق تنفيذها وقتا طويلا وتتشابه فيما بينها ولا يتم تجديدها إلا نادرا).
يعتبر مستقل هذه المؤسسات في الغالب تكرار لماضيها. من أمثلتها: المدارس ومعظم الهيئات الحكومية. رمزها: الجيش لأنه من المنظمات الأشد تأثيرا والأكثر استقرارا.
المؤسسات البرتقالية
تدار انطلاقا من فكرة أن العالم سريع التغير ونحتاج إلى آليات عمل معقدة وموارد متنوعة يجب استثمارها للمنافسة الشديدة لتحقيق الأهداف المنشودة ومن ثم تركز على دحر منافسيها وجني الأرباح وتحقيق النمو التجديد المستمر بهدف البقاء على القمة. الإدارة بالأهداف فيتم إعطاء تعليمات بما يجب عمله وترك طريقة وحرية التنفيذ للعاملين في الميدان. من أمثلته: المدارس – الجامعات الخاصة – منظمات المجتمع المدني – الشركات العالمية الكبرى وتقوم على الإحساس الدائم بضرورة التجديد دون الإخلال بالنظام والمساءلة وتطبيق مبادئ الجدارة. رمزها: الآلة دقيقة الصنع أو الساعة السويسرية.
المؤسسات الخضراء
وهي تعتبر عائلات كبيرة في نفسها فهي تهتم بالأتي:
- تمكين الموظفين وتحفيزهم.
- تأصيل ثقافة وفكرة المؤسسة الأسرة داخل عقولهم.
- الاندماج في مجتمعها الداخلي ومحيطها الخارجي والعالم أجمع.
ومن أمثلتها: شركة “ساوث ويست إيرلاينز” وشركة جوجل. رمزها: الأسرة.
حالة شركة “بيرتزورج” التحول إلى مؤسسة متكاملة:
تعد هذه المؤسسة مثالا للتحول من مؤسسة برتقالية إلى مؤسسة خضراء قائمة على التمكين (وهذا النموذج السائد في عصرنا الحالي) وهي تحاول تحقيق معادلة المؤسسة المتكاملة لكي تتسم بما يلي:
- كل فريق العمل مسؤول عن أداء كل مهام المؤسسة (من دون تخصص أو حواجز بين الأقسام والعمليات) فالجميع يرعون المرضى ويخدمونهم بكل الطرق.
- التركيز على مساعدة المرضى للاعتماد على أنفسهم قدر الإمكان .
- لا يوجد رئيس لفريق عمل “بيرتزورج” لأن الفريق بأسره يتعاطى مع ما يطرأ من مشكلات ويتولى حلها كما ينظم الأهداف والأولويات ويحلل المشكلات ويضع الخطط ويقيم الأداء ويتخذ القرارات.
إدارة الأزمات
التواصل داخل المؤسسات المتكاملة: نجد أن داخل المؤسسات المتكاملة يوجد الأتي:
- لا يوجد موظف لا أهمية له.
- يمكن للكل الحصول على ما يريد من معلومات وقتما يشاء.
- لا توجد أسرار يمكن إخفاءها عن الموظفين.
- كل المعلومات متاحة للجميع من (الأمور المالية والرواتب وتقييم أداء العمل).
- يتم تقييم أداء الفرق وإنتاجيتهم بشفافية ومن هنا تزول ثقافة الخوف والحاجة للاختباء خلف ستار عدم الإفصاح عن السماء أو البيانات.
- كما لا تسحب الثقة من الفرق التي أخفقت في تحقيق أهدافها بل يتم تشجيعها على مواجهة الموقف والبحث عن حلول للمشكلات.