فن-المحادثة

فن المحادثة كأي فن آخر هو مهارة التألق والابداع والعطاء والتميز. باستطاعتنا جعل كل شيء نفعله فن ولما لا؟ من دون تميز وتألق تصبح الأشياء مبتذلة ومملة، فماذا نقنع بالابتذال وبإمكاننا اختيار الفن؟ عندما يتعلق الأمر بفن المحادثة فكلنا قابل أشخاص يبدون موهوبين في ذلك، فهم يتحدثون مع أي شخص بخصوص أي شيء براحة تامة. رغم أن البعض يمتلكون فن المحادثة منذ صغرهم إلا أن هذا الفن يمكننا جميعا تنميته في أنفسنا وإتقانه وهذا خبر سار للجميع. المحادثة هي شكل من أشكال التواصل، إلا أنها أكثر عفوية وأقل رسمية. ندخل في محادثات مع الآخرين لعدة أسباب مثل الترفيه عن النفس أو معرفة أناس جدد أو طلب معلومات او مساعدة، وتتنوع المحادثات ما بين فكرية أو تبادل المعلومات أو محادثات ودية أو جدال. اتقان فن المحادثة لا يقتصر على الأشخاص الذين يريدون أن يصبحوا فكاهيين مشهورين او ممثلين موهوبين أو مذيعين  بل يشمل جميع الناس باختلاف توجهاتهم ومناصبهم، واتقان هذا الفن لا يعني بالضرورة أن تصبح شخصا اجتماعيا أكثر أو أكثر حركية أو أكثر انفتاحا، يمكنك بدلا من ذلك أن تنمي مهارة الانصات بانتباه، وطرح أسئلة مفيدة وفي محلها والانتباه الى الأجوبة وكل المهارات اللازمة لفن المحادثة، وبالتمرين المستمر والتوجيه الجيد أي شخص بإمكانه تحسين مهارات المحادثة لديه. وإليك الآن نصائح تساعدك على تنمية مهاراتك في المحادثة:

أظهر الاهتمام والفضول خلال المحادثة

الاهتمام-و-الفضول

الأشخاص الذين يظهرون بصدق الاهتمام بالآخرين هم أيضا محل اهتمام الآخرين، لماذا؟ لأنهم أكثر تفتحا لتعلم وفهم أشياء جديدة. إظهار الاهتمام يشجع الآخرين على أخذ راحتهم وتبادل المعلومات بسلاسة. أظهر الاهتمام بأن تبقي نظرك على الشخص الذي تحادث والاستماع جيدا لما يقول. إن كنت شخصا خجولا وتحتاج إلى وقت حتى تتأقلم مع جو المحادثة، اطرح أسئلة تحتاج إلى تفصيل لتشجع الشخص الآخر على طرح وجهات نظره فهذا سيدفع بالمحادثة ويمنحك الوقت للتفكير فيما ستقوله لاحقا ومن دون ان تشعر ستجد نفسك قد اندمجت تماما في المحادثة.

تأكد أن المحادثة متوازنة بينكما

  أي محادثة تصبح مملة سريعا إذا كان شخص واحد فقط هو الذي يتكلم والآخر يحاول المشاركة بكلمة هنا وكلمة هناك. عند حدوث هذا الأمر فسرعان ما يتوقف الشخص الأول عن الكلام وتتوقف المحادثة (إلا إذا كان من الأشخاص المتعودين على الكلام طول الوقت عن أنفسهم وما يمكون دون أن يأبهوا للآخرين، فعند ذلك أنصحك بالانسحاب فورا). هناك العديد من الأسباب للمحادثات الغير متوازنة، قد يكون السبب هو توتر أحد أطراف الحوار مما يجعله يتخبط ولا يعلم ما يقول، إذا كنت ذلك الشخص فخذ نفسا عميقا وحاول التركيز، ابتسم وفكر فيما تريد قوله، إذا كان الشخص الآخر هو الذي لا يتكلم فحاول تلطيف الجو و تشجيعه على المشاركة فإن فشل ذلك عدة مرات فاستأذن باحترام وانصرف. إن اكتشفت بعد ذلك أنك كنت الشخص المتوتر خلال المحادثة (لا قدر الله) فأنت على الأقل قد قمت بأول وأهم خطوة وهي الادراك. حدد سبب محاولتك السيطرة على المحادثة إن كان التوتر أم نزعتك للمشاركة والكلام، في كلا الحالتين أعد تذكر المحادثة وابحث عن مواقف كان بإمكانك التوقف واعطاء الفرضة للشخص الآخر للكلام، وفي المستقبل اجعل قاعدة لك أن تتوقف كلما طرحت فكرة وانتظر الشخص الآخر إما أن يوافق أو أن يطرح وجهة نظر مغايرة، لاحظ اشارات من الشخص الآخر التي تجعلك تواصل الحديث أو تتوقف، فمثلا إذا كان يبدو مثقل الجفنين فهو يحس بالملل، هل يريد فعلا الكلام معك أم أنه يجاريك فقط ثم يبحث عن فرصة للانسحاب؟ هل ينظر إلى مكان آخر (ربما لفرصة للانسحاب) عندما تتكلم؟ في المحادثات كل شخص عليه المشاركة في الحديث وإلا أصبحت مونولوج (محادثة ذاتية).

يجب ان تكون مثيرا للاهتمام وان يكون لك شيء تقوله

في حين أنه لا يجب أن تكون كوميديا أو أديبا معروفا أو عالما حتى تدخل في محادثات مع الآخرين في المقابل يجب أن تكون مثيرا للانتباه وإلا ما عساك تقول؟ إن لم تكن واسع الاطلاع، ولا تقرأ كثيرا أو لديك اهتمامات قليلة جدا، فسوف لن يكون لديك الشيء الكثير لتتحدث عنه باستثناء نفسك. للأسف لا أحد يريد سماع آخر مشاكلك أو انجازاتك أوعن حياتك اليومية، رغم ذلك يعتقد الكثير أن هذا ما يود الآخرون سماعه، من منا لم يتورط مع شخص كهذا في مناسبة وكان عليك الانصات إلى مغامراته وتاريخ عائلته وما شابه؟ لكي لا تكون هذا الشخص الذي ينفر الناس منه عليك أن تكون مطلعا على ما يحدث في العالم، وما يحدث في محيطك، وعلى آخر الاكتشافات العلمية والتكنولوجية وعلى حال المشتريات والمبيعات. لا أحد يعرف كل شيء فإن قدمت معلومة مفيدة لشخص أثناء المحادثة فسوف تكون مثيرا للانتباه و بالمقابل قد تتعرف على شيء لم تكن تعلمه من الشخص الذي يحادثك، وبهذا تكون المحادثة ممتعة ومفيدة. بطبيعة الحال ليست كل المحادثات هي محادثات علمية أو لتبادل المعلومات، هناك ايض محادثات ودية وترفيهية خاصة في المناسبات، في هذه الحالات انتبه إلى الجو السائد وتأقلم معه، فمثلا إذا كان الجو فكاهيا وأنت لست من هذا النوع فباستطاعتك الانصات والتبسم ولكي لا تظهر الضجر أو التضايق أبدا.

كن على طبيعتك وكن مرتاحا

كن-على-طبيعتك

إن كنت متصنعا بتقمصك لشخصية ليس لك فذلك سيظهر خلال المحادثة مما يجعل منها مملة وتنتهي بسرعة، وبالمثل إن لم تكن مرتاحا فمن الصعب المواصلة والادعاء أنك كذلك، تنفس بعمق وحاول أن تهدأ وإلا انتهى بك المطاف بقول شيء سخيف أو لا علاقة له بالمحادثة. كذلك ابتسم بلطف فذلك يجعلك تبدو أكثر بشاشة وأسهل لتبادل أطراف الحديث. لبدأ محادثة ما، تقدم من الشخص الآخر وقدم نفسك، فذلك ضروري ومن الأدب ويجعل المحادثة تبدا بسلاسة. إن سمحت الفرصة فصافح الشخص الآخر وابتسم وانظر في عينيه. كونك ودودا يجعل الشخص الآخر أكثر راحة ويفتح المجال له لتقديم نفسه هو أيضا. ولكن إن لم تقابل خطوتك بالترحيب المنتظر لسبب أو لآخر انحن باحترام وانصرف، لا تأخذ هذا التصرف على أنه صد لك وانما قد لا يكون الشخص الآخر في مزاج رائق للتحدث أو ربما مر بيوم صعب أو لديه مشاكل.

لتتحسن في فن المخاطبة تمرن ثم تمرن أكثر

فن المحادثة كغيره من الفنون الأخرى يحتاج إلى تمرين وممارسة، لا تتوقع أن تصبح بارعا فيه بعد بضع محاولات، الأمر يتطلب الممارسة وتجربة العديد من المواقف الاجتماعية، الطريقة الأفضل للتمرين والممارسة تكون خلال مناسبات عائلية أو مع الأصدقاء حيث تحس بالراحة معهم وتعرف شخصياتهم مما يسهل الأمر عليك ثم تنتقل تدريجيا إلى تطبيق مكتسباتك مع الغرباء أو في مجال العمل، وتذكر ليس هناك قدر كاف من الممارسة مارس كلما سمحت لك الفرصة.  

نصائح سريعة بخصوص فن المحادثة:

  • لا تسيطر على المحادثة بحيث تكون الوحيد الذي يتكلم أو أن تجعل موضوعها يدور حولك، المونولوج ليست محادثة.
  • أظهر الاهتمام والفضول خلال المحادثة.
  • تأكد من التوازن بين العطاء والأخذ خلال المحادثة.
  • كن مستمعا نشيطا بالحفاظ على نظرك وجها نحو الشخص الآخر وطرح أسئلة في الموضوع. – تمرن على الاسترخاء عن طريق تمارين التركيز والتخيل، الاسترخاء أمر ضروري خلال أي محادثة.
  • لا تقاطع الشخص الآخر ودعه يعرض فكرته إلى النهاية. – كن شخصا متفتحا، الجميع لديهم الحق في إبداء رأيهم حتى لو لم توافقهم في ذلك.
  • تجنب الخوض في مواضيع الجنس والديانة مع الغرباء لأن ذلك ينتهي في أغلب الأحيان إلى جدال وحتى سب وشجار. – كن مطلعا على آخر الأحداث والاكتشافات العلمية والأحداث المهمة.
  • كن شخصا يسهل الكلام معه وذلك بكون مرتاحا ومبتسما وذو مظهر ودود.

امتلاكك لفن المحادثة يحسن من علاقاتك الشخصية والعملية والاجتماعية، وهو كذلك يعطيك الفرصة للتعرف على أناس مهمين ورائعين والتعرض لمواضيع الساعة أو مواضيع شيقة تزيد من معارفك. مع التمرين والممارسة أي شخص بإمكانه تحسين مهاراته في هذا المجال.

كيف تتحدث وتستمع بفعالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *