عندما كان ابني يبلغ من العُمْر بضعة أشهرٍ، عاهدتُ نفسي أن أتعلَّم، وأن يكون لديَّ الشجاعة لقول “لا” لبعض الأشياء. الآن، هو في الثالثة من عُمْره، وسأُنجب له أخًا؛ أعيد تجديد العهد مع نفسي.

حتى أصير قادرةً على قول “لا”، سأستمتع بقول “نعم”؛ فأنا أحبُّ عملي. لطالما كنتُ أمارس أعمال الإنترنت والبناء والإبداع، وكذلك أكون ضمن مجموعةٍ متنوعةٍ من الفرق واللجان.

أنا أستمتع بمقابلة أُناسٍ جُددٍ ملهمون ومُفعمين بالطاقة. وأحب البدء في مشروعاتٍ جديدة وإتمامها.

الشيء الثابت في كل الالتزامات هو الوقت

لدينا جميعًا أربعٌ وعشرون ساعةً في اليوم. الحياة باقةٌ من الاختيارات، ولنا القرار في كيفية قضاء ذلك الوقت الثمين.

عندما عاهدتُ نفسي أن أقول “لا” لبعض الأمور، كنتُ أودُّ إتاحة وقتٍ أطول لعائلتي (فعائلتي لها الأولوية الأولى في حياتي، وستظلُّ دومًا كذلك).

عندما تعُود خطوةً للوراء وتفكر في يومك، وما إن كانت عائلتُك على قمة أولوياتك، سترى كَمْ أن عدد الساعات التي نقضيها سويًّا مُفزِع (أقصد ضآلة الساعات).

وفقًا لبعض حساباتي السريعة وكذلك الروتين اليومي لعائلتي، نقضي معًا ست ساعاتٍ في اليوم تقريبًا، وفيها يكون الاستحمام والوجبات وغسيل الأطباق وغيرها هذا الأمر يحطِّم قلبي تمامًا؛ فأنا لا أريد أن أنظر لتلك الأيام بعد خمسة عشر عامًا من الآن وأتمنى لو أني قضيتُ وقتًا أطول في البيت مع أطفالي حين كانوا صغارًا.

جزءٌ من تعَهُّدي بأن أقول “لا” كان في الواقع لأتيحَ لنفسي الفرصة لقضاء وقتٍ أطول مع عائلتي بقدر الإمكان. في الواقع، لا أؤمن بفكرة التوازن بين الحياة الخاصة والعمل؛ بل أرى أن الجمع بينهما ما هو إلا خلطٌ يفرض نفسَه على الحياة بأسْرِها.

اقرا ايضا: تعلم متى تقول لا

الدرس الأكبر الذي تعلَّمته حتى الآن هو أنه ليس من الضروري الاندماج في كل شيءٍ، ولكن الأهم هو الاندماج في الشيء الصحيح والمناسِب لك.

لا ينبغي أن أقول “نعم” قبل أن أضع في قائمة أولوياتي بعض الالتزامات والمشروعات والفرص.

وكي أقوم بذلك، أطرح على نفسي خمسة أسئلة قبل أن أقول “نعم”:

أين يمكنني أن أكون أكثر إفادةً؟

لأن الوقت مَورِدي الأكثر قيمةً، يجب أن أتأكَّد أن ما ألتزم به هو شيءٌ يمكنني أن أُضِيف له، يمكنني أن أترك به أثرًا، أو أن أصنع اختلافًا لكل مَن يشارك فيه الآن أو لاحقًا.

إنني أبحث عن المكان الذي أستطيع أن أقدِّم له قدراتي وإمكاناتي الفريدة.

أين يمكنني الحصول على أكبر استفادة؟

هنا، سأكون أنانية. حين أفكر فيما أودُّ الالتزام به، أبحث عن المشروعات التي تكون استفادتي منها كبيرة. لا أريد أن أكون الأكثر ذكاءً، بل دائمًا أبحث عن الفُرص التي بها أتعلَّم كلَّ شيءٍ عما أريد أن أعرف الكثير عنه.

وفي الوقت الذي أقدِّم فيه قدراتي الفريدة وأُفِيد غيري، أُريد أن أستفيد من القُدرات الفريدة للآخرين، التي تختلف تمامًا عن قدراتي؛ وخاصةً القدرات التي لا أمتلكها من الأساس.

قد يبدو طلبي ذا اتجاهٍ واحدٍ، ولكنني دائمًا ألتزم بإضافة شيءٍ أولًا. وهذا ما يُسمَّى بـ “مَكسَب العطاء”؛ أَيْ أن أُقدِّم شيئًا ما حيثُ يمكنني أن أُفيد بكل ما لديَّ من قدرات، وفي المقابل أحصل على قدر هائل من المعرفة في المجالات التي أجهلها ممَّن هم أكثر معرفةً مِني بها.

ما نوعية الأشخاص الذين سأُحاط بهم؟

الأشخاص الذين نُحاط بهم يؤثِّرون فينا بشكلٍ كبير، يؤثرون في سلوكنا ودوافعنا واعتقاداتنا وطاقتنا. ويؤثِّرون في إنتاجنا، وفي العمل، وفي الإبداع بشكل جيدٍ أو سيِّئٍ على السواء.

أريد أن أُحاط بمَن أطمح أن أكون مثلهم. أريد أن أُحاط بأناسٍ طموحين، نُشطاء أذكياء، ذوي طاقةٍ إيجابيةٍ.

هل يشعرني هذا أنني أفضل؟

هنا، أجمع بين الالتزام والشغف، بين الهدف والقلب. يُؤثِّر هذا الشعور في كثيرٍ من الأشياء المهمة في حياتي. ويؤثِّر في أقرب الناس لي. إن صار هذا الأمر على قائمة أهدافي، فلن أشعر وحدي بالمسئولية تجاهه، ولكن مَن يُحيطون بي سيشعرون به، ويلمسونه كذلك.

أريد أن يَتماشَى ذلك الأمر مع صميمِ شخصيتي بقدر الإمكان.

هل أنا قادر على الالتزام 100%؟!

عندما أقول “نعم” لأمرٍ ما، فأنا حقًّا أعني ذلك، وأريد أن أُقدِّم له أفضل ما لديَّ طِيلة الوقتِ. أريد أن أمنحه كلَّ اهتمامي، والاهتمام الذي يحتاج إليه ويستحقه؛ والاهتمام الذي وعدتُ به بلا شك.

عندما لاحظت أنني أقول “نعم” لكل شيءٍ، رأيت أن جودتي وإنتاجيته تنحدران شيئًا فشيئًا، وشعرتُ أنني أُحقِّر شأني.

نعتقد جميعًا أن بإمكاننا فعل كل شيء. قد يكون ذلك صحيحًا؛ فالبعض يفعل ذلك بشكلٍ جيد، ولكن أؤكد لك أنك قد ضحَّيت بشيء ما في مقابل ذلك.

تعلم كيف تقول “لا”!

المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *