مشاعرنا هي التي تحدد مقدار سعادتنا وكيفية تعاملنا مع الحياة، فبدل أن تسيرنا مشاعرنا حبذا لو استعملناها لمصلحتنا واستمتعنا بها وسيطرنا عليها. وفقا لبعض علماء علم النفس، عدم القدرة على السيطرة على وضبط المشاعر هو السبب الرئيسي في العديد من المشاكل النفسية مثل الانهيار العصبي و القلق المزمن والكثير من الأمراض الأخرى. رغم أن هذه الاضطرابات والأمراض هي أسوأ ما يمكن أن يسببه عدم القدرة على السيطرة وضبط المشاعر، وبغض النظر عن مدى اعتقادنا أننا متوازن نفسيا، الكثير منا يستطيع الاستفادة من تعلم طرق السيطرة وضبط المشاعر في حياتنا اليومية.
المشاعر تنتج وفق تسلسل لأحداث تبدأ بحدوث شيء أو موقف والذي نخمن معناه، ثم تأتي الاستجابة على شكل مشاعر وفق التخمين الذي وضعناه للشيء أو الموقف السابق. بالتأكيد كأي شيء آخر، مفتاح السيطرة وضبط المشاعر هو الاستعداد المسبق لها، عندما تكون مستعدا مسبقا فباستطاعتك تجنب المشاعر التي تسبب لك مشاكل قبل أن تستفحل وتعيق تقدمك واستمتاعك بالحياة. وإليك الآن خمس طرق فعالة من أجل السيطرة وضبط المشاعر.
اختيار الموقف
يعني أن تضع نفسك في أو تبعد نفسك عن مواقف أنت تعلم مسبقا كيف ستشعر حيالها وفق ما تريده، فمثلا إن كنت تعلم أنك تتضايق عندما يكون المحل الذي تشتري منه أغراضك مكتظا بالزبائن فاختر وقتا يكون فيه أقل زحمة حتى يتسنى لك الوقت لاختيار ما تريد براحة أكثر أو اذهب إلى محل آخر أقل ازدحاما. وبالمثل إن منت تعلم أن التمرين الصباحي يجعلك أكثر نشاطا خلال يومك، فواظب عليه يوميا. عند اختيار الموقف الذي تريده والاستعداد جيدا له فأنت تتحكم بمشاعرك التي سوف تشعر بها مسبقا.
تغيير الموقف
يكون خلال مواقف تحتمل القلق ويكون عليك تغيير المحيط الخارجي للتأقلم مع الوضع. فمثلا يكون في مجلس ما شخص لا تستلطفه ولا تحب الحديث معه ثم يقترب منك ليحدثك، فبإمكانك دعوة شخص ثالث للحديث وبهذا تتجنب الحديث وجها لوجه معه ولا يكون عليك الكلام طول الوقت خشية الوقوع في مشاكل مع الشخص الأول. ومجددا أنت تتحكم في الوضع وبالتالي تتحكم في مشاعرك.
مقال ذات صلة: كيف تتخلص من القلق
تغيير التركيز
على خلاف الطريقتين السابقتين أين يتوجب عليك تغيير المحيط، تغيير التركيز تتمثل في توجيه انتباهك إلى أو بعيدا عن الموقف الذي يثير مشاعرك. إنه نسخة داخلية لطريقة اختيار المواقف أين تغير انتباهك أو تختار كيف تنظر إلى الظرف المحيط بك. عندما تغير طريقة النظر إلى الموقف فأنت تغير استجابة مشاعرك.
فمثلا تتقدم إلى معاينة وظيفية، ويتقدم معك أناس لديهم مؤهلات تفوق مؤهلاتك بكثير وشهادات عليا وهذا يجعلك تحس بالنقص وتشعر أنك لن تتغلب عليهم في الامتحان، فبدل التفكير في ذلك ركز جهدك على ما أنجزته في حياتك وعلى قدرتك على تحمل الأعمال الشاقة وعلى مواهبك وبهذا سوف يقل احساسك بالنقص وتتقدم إلى الامتحان بأكثر ثقة في نفسك. عندما تتحكم في تركيزك فأنت تتحكم في مشاعرك.
تغيير وجهة النظر
يتضمن تغيير الزاوية التي تنظر بها إلى الموقف من أجل تغيير الأثر الذي يحدثه على مشاعرك. أحيانا وبغض النظر عن الطرق الأخرى التي استعملتها من أجل ضبط مشاعرك عليك تغيير وجهة نظرك أو الزاوية التي تنظر بها إلى الموقف. مثلا شخص مقرب منك نسي عيد ميلادك ولم يهنأك به وشعرت بالأسف وظننت أنه أو أنها لم يعد أو تعد تهتم بك، يمكنك استعمال طريقة تغيير وجهة النظر لتغيير المشاعر السلبية التي تشعر بها، فمثلا ربما اختلط عليه أو عليها التاريخ نظرا لمشاغله الكثيرة ونسيت أو نسي التاريخ، وكان ذلك من غير قصد.
بتغيير الزاوية التي تنظر بها إلى المواقف فأنت لا تغير المواقف وإنما تغير طريقة نظرك إليها وبالتالي تغير الأثر الذي تحدثه على مشاعرك.
تعديل الاستجابة
تتضمن محاولة التأثير على الاستجابات النفسية أو السلوكية. كمثال على ذلك: التمرين المنتظم، طرق التأمل، أو العد إلى 10 عندما تكونا غضبانا يمكن أن تستعمل من أجل التقليل من التأثير السلبي للمشاعر السلبية، بالرغم من أن طريقة تعديل الاستجابة تكون أكثر فعالية عن استعمالها مع الطرق السابقة إلا أنها لا تقل أهمية عنها.
تستطيع الآن مع التمرين أن تطبق هذه الطرق في أي من المواقف التي تثير مشاعرك بشكل سلبي، القدرة على التحكم في الأفكار والزاوية التي ينظر بها إلى الموقف يقود إلى التحكم الأفضل وضبط المشاعر.