يشتكى الكثير من الناس من وهم يسيطر عليهم بأنهم لا يستطيعون السيطرة على عواطفهم التي هي عبارة عن شيء يحدث تلقائيا كانعكاس للأحداث التي تصادف حياتنا. وكثيرا ما نرتعد من العواطف وكأنها فيروسات تداهمنا وتهاجمنا في أضعف لحظاتنا وفي أحيان أخرى نعتبرها أبناء عمومة متخلفة لقوانا العقلية و نشكك في صحة وجودها او قد نفترض بأن العواطف تنشأ استجابة لما يفعله أو يقوله الآخرون فما هو العنصر المشترك في كل القناعات الشاملة؟ انه المفهوم الخاطئ بأننا لا نستطيع أن نسيطر على تلك الأمور الغامضة المسماة بالعواطف.
هنالك أربعة طرق أساسية يتعامل بها الناس مع العواطف وهي.
التجنب
إننا نريد جميعا ان نتجنب العواطف لمؤلمة ولذا يحاول معظم الناس تجنب أي وضعية يمكنها أن تقودهم إلى العواطف التي يخافونها والأسوأ من ذلك أنهم يحاولون تجنب أية وضعية قد تؤدي إلى رفضهم فهم يتحرجون من إقامة أية علاقات ولا يحاولون التقدم لوظائف عمل تتطلب تحديا والتعامل مع العواطف بهذه الطريقة هو المصيدة النهائية، إذ إن محاولتك تجنب الوضعيات السلبية قد يحميك على المدى القصير ولكنه يحرمك من الشعور بالحب والود والتواصل وهي أمور تتوق لها أكثر من أي شيء آخر ولكنك في النهاية لا تستطيع أن تتجنب المشاعر والموقف الأكثر قوة هو أن تتعلم كيف تتوصل إلى المعنى الايجابي الخفي لتلك الأمور التي كنت تظنها سابقا عبارة عن عواطف سلبية.
النفي
منهج آخر للتعامل مع العواطف هو إستراتيجية الإنكار والنفي إذ يحاول الناس في كثير من الأحيان أن ينعزلوا عن عواطفهم بالقول لست اشعر شعورا سيئا إلى هذا الحد غير أنهم يتابعون تحريك الجمر داخلهم بالتفكير في مدى فظاعة الأمور او بأن فلانا قد استغلهم أو أنهم يفعلون كل شيء على أتم وجهه ولكن الأمور لا تسير في النهاية في الطريق الصحيح وهم يتساءلون لماذا يحدث هذا دائما لهم؟
وبعبارة آخري فهم لا يبدلون تركيزهم على الإطلاق كما لا يغيرون وضعهم الفيزيولوجي ويتابعون طرح نفس الأسئلة التي تسلبهم القوة. إن تجربة عاطفة ما ومحاولة التظاهر بأنها غير موجودة لا تؤدي إلا إلى المزيد من الألم. ولا بد من التأكيد ثانية على ان تجاهل الرسائل التي تحاول عواطفك إصدارها لك ليس من شانه أن يحسن الأمور فإذا ما تجاهلت الرسالة التي تحاول عواطفك إرسالها فإن عواطفك تعمل ببساطة على رفع طاقة الرسالة الكهربائية وتظل تزيد من هذه الحرارة إلى أن تنتبه لذلك في النهاية.
إن محاولة إنكار عواطفك ليست هي الحل. أما فهم هذه العواطف واستخدامها فهو الإستراتيجية التي ستتعلمها.
المنافسة
يتوقف بعض الناس عن مقاومة عواطفهم المؤلمة ويقررون الانغماس فيها إذ بدلا من تعلم الرسالة الايجابية التي تحاول عواطفهم إيصالها لهم فأنهم يعززون حدة هذه العواطف ويزيدونها سوءاً عما هي عليه في الواقع إذ تصبح هذه العواطف عبارة عن وسام الشجاعة ويبدون مباراة مع الآخرين قائلين:
تقول انك عانيت الكثير؟ هل تعرف ما لقيته من معاناة؟
بل أن هذا الوضع يصبح جزءاً من هويتهم، وطريقة لتأكيد وضعهم الفريد ويأخذون يتباهون بأن وضعهم أسوا من أي شخص آخر. وهذا كما ترى قد يكون أكثر المصائد مقتلا، ومن الواجب تجنب هذا المنهج بكل ثمن لأنه يصبح عبارة عن نبوءة لإرضاء النفس حيث ينتهي المطاف بالشخص لاستثمار شعوره السيئ على نحو منتظم، وبذا فإنهم يقعون في المصيدة حقا أما النهج الأقوى والأكثر صحة للتعامل مع العواطف التي تعتقد أنها مؤلمة فهو أن تدرك بأنها تخدم غرضا ايجابيا وهو التعلم والاستخدام.
التعلم والاستخدام
إذا كنت تريد النجاح لحياتك فعليك أن تجعل عواطفك مجدية لك، إذ إنه لا يمكنك الهروب من عواطفك كما لا تستطيع أن تتجاهلها ولا يمكنك التقليل من شانها أو خداع نفسك فيما يتعلق بمعناها ولا يمكنك أن تسمح لها بأن توجه حياتك فالعواطف حتى وان بدت مؤلمة على المدى القصير هي بمثابة بوصلة داخلية تعطيك إشارات خاصة وتوجهك إلى الأفعال التي يتوجب عليك القيام بها لتحقيق أهدافك وبدون أن تعرف كيفية استخدام البوصلة فإنك ستظل إلى الأبد تحت رحمة أي عاصفة نفسانية في طريقك.
يبني لكثير من الأنظمة العلاجية على أساس الافتراض المسبق بأن العواطف هي عدو لنا ا وان جذور سلامتنا العاطفية موجودة في الماضي ولكن الحقيقة هي أننا أنا وأنت نستطيع أن نتحول من البكاء إلى الضحك في غمضة عين إذا ما تم تعطيل نمط تركيزنا الذهني ووضعنا الفيزيولوجي بالقوة الكافية.
الطريقة الوحيدة لاستخدام عواطفك بفعالية هي أن تفهم بأنها تخدمك عليك ان تتعلم من عواطفك وتستخدمها للتوصل للنتائج التي تتوخى تحقيقها بهدف تحقيق نوعية أعظم من الحياة فالعواطف التي كانت تعتبرها سلبية إنما هي دعوة للقيام بفعل ما ولذا فأننا بدلا من تسميتها عواطف سلبية سنسميها إشارات الفعل.