تشير الإحصائيات إلى أن أعداد المصابين بالاكتئاب قد تضاعفت في الخمس عشرة سنة الأخيرة، وقد تلقى 90% من هؤلاء الأشخاص علاجًا بالعقاقير الطبية للتخلص من هذا الاكتئاب الذي بات مرضًا شائعًا. لقد جعلتني هذه الإحصائيات أتساءل: هل يحتاج مفهومنا للسعادة إلى إعادة نظر؟!
ثمة فكرة شائعة في المجتمع تقول إن من الخطأ أن يكون الإنسان غير سعيد؛ فالسعادة الآن تمثل المقياس الأساسي للحياة التي يعيشها البشر. ونتيجة لذلك، أصبح الشعور بالحزن أو عدم السعادة مرادفًا للفشل. ومن المؤسف أن هذا الاعتقاد يصيب معظم الناس بالاكتئاب والإحباط؛ لأنه من المستحيل أن يعيش الإنسان حياته في سعادة مطلقة دون أن يشعر بالحزن أحيانًا.
قبول الحالة النفسية
ليس ثمة خطأ في الشعور بالحزن أو الغضب أو الإحباط؛ فهي ليست مشاعر غير أخلاقية، ولا تعني أنك تفتقد التحكم العاطفي. بالطبع، لا بد أن يحاول الإنسان تغيير حالته المزاجية إذا كان يشعر بالحزن أو الإحباط، ولكن هذا الأمر لا يعني أن تشعر بالفشل فقط لمجرد أنك لا تشعر بالسعادة طوال الوقت.
يجب أن تتفهم حالتك العاطفية وتتقبلها، وفي الوقت ذاته لا تركن إليها، وحاول جاهدًا أن تتخلص من أي مشاعر سلبية. على سبيل المثال، لا يمكنك أن تنكر أنك تشعر بإرهاق شديد بعد أسبوع شاقٍّ من العمل؛ فالمشاعر مؤشر إذا تجاهلته فسوف يزداد الأمر سوءًا.
مقال ذو صلة: لماذا تعني السعادة أحيانًا تخلينا عن الحياة التي رسمناها في مخيلتنا؟
استخدم مفردات مختلفة
ثمة ارتباط وثيق بين مستويات الطاقة ومعدلات السعادة؛ فمثلًا يُعَدُّ الشعور بالإرهاق الشديد أحد الأعراض الرئيسية للاكتئاب. ومن الضروري أن ننظر إلى السعادة على أنها وقود يدفع الإنسان نحو الأمام، وليست مؤشرًا نهائيًّا على جودة الحياة. عندما تشعر بالإحباط الذي يؤثر في مستويات الطاقة لديك، قد يستغرق الأمر بعض الوقت لاستعادة شعورك بالسعادة؛ ولكن إذا أدى عدم شعورك بالسعادة الدائمة إلى انزعاجك، فهنا تكمن المشكلة الحقيقة.
قد تؤدي المشكلات الصغيرة إلى انخفاض مستوى الطاقة العاطفية لديك. فإذا لم تستطع تحديد السبب الحقيقي لهذه المشكلات، فقد تنظر إلى حدث سلبي واحد على أنه هو السبب الوحيد والرئيسي وراء جميع مشاكلك. على سبيل المثال، قد يقع شجار بينك وبين زوجتك يجعلك تنظر إلى جميع جوانب حياتك، سواء العملية أو الاجتماعية بمنظار أسود.
أحيانًا يكون هناك سبب للإحباط
يجب على الجميع قبول التقلبات البسيطة في الحالة العاطفية، ولكن إذا استمرَّ الشعور بعدم السعادة في التزايد، فثمة سبب وجيه يقف وراء ذلك؛ فالإحباط قد يحدث نتيجة بعض التغيرات الكيميائية في المخ، التي تسبب حالة من عدم التوازن، ولكن دائمًا ما يكون ثمة سبب واضح يقف وراء هذا الشعور بالإحباط. على سبيل المثال، قد يرجع السبب إلى أنك تعمل في وظيفة تكرهها، أو أنك تعاني من مشاكل عائلية. وبدلًا من معالجة السبب الرئيسي للمشكلة، قد تلجأ إلى تناول العقاقير الطبية، أو قد تلجأ إلى حلول بديلة تمثل نوعًا من الهروب؛ كالتدخين، أو الإفراط في تناول الطعام أو ممارسة ألعاب الفيديو.
تجربتي الخاصة
أتذكر منذ سنوات عديدة مضت أنني مررت بفترة صعبة من حياتي. وعلى الرغم من صعوبة تلك الفترة، كانت إشارةً لي لكي أتوقف وأحاول تغيير حياتي. وبالفعل، أدركت أن الإحباط الذي أعانيه يرجع إلى الفوضى وعدم انتظام حياتي الاجتماعية. وقد بدأت بالفعل في معالجة هذه المشكلات، والآن أشعر بتحسُّن كبير على جميع المستويات، سواء في العمل أو مع الأصدقاء، أو في أموري المالية والصحية.
تجربتي الخاصة لا تعني أنني حالة خاصة، ولكنها توضح أن الجميع يمكنهم تكرارها بنجاح. فلتبدأ التغيير الآن، ولتعلم أن السعادة نتيجة للحياة الجيدة، وليست سببًا لها.