هل تساءلت يومًا: لماذا يشعر البعض بعدم الاستقرار عندما لا يكون لديه علاقة عاطفية؟ يستطيع البعض عيش حياتهم بصورة طبيعية بغَضِّ النظر عن وجود شريك لهم في الحياة أو لا. وفي المقابل، هناك آخرون لا يستطيعون الاستمرار في حياتهم دون أن يكونوا طرفًا في علاقة ما. إن استطعت تدبير أمور حياتك دون الاعتماد على طرف آخر أو شريك، فإنك تَتَّسِم بالاستقلالية والقدرة على الاعتماد على الذات.
لماذا يشعر البعض بعدم الاستقرار
إذا لم يكن بمقدورك مواجهة الحياة دون الاعتماد على طرف آخر، فإنك في الغالب تفتقد القدرة على الاعتماد على الذات، ويتأصَّل لديك شعور بأنك امتداد لشخص آخر. ولذلك، يصعب الوفاء باحتياجاتك وتحقيق رغباتك، بل ينمو لديك اتجاه يدفعك إلى تجاهل احتياجاتك ورغباتك الشخصية، ويصير جُلُّ همِّك أن تحقق رغبات الطرف الآخر.
يحدث هذا الأمر بصورة طبيعية، ودونما تفكير. ويتمثل الهدف الأساسي من وراء ذلك في الشعور بالارتياح الذي ينجم عن رضا الطرف الآخر؛ ولكن على المدى البعيد سوف تشعر بنوع من الصراع؛ لأنك أهملت احتياجاتك ورغباتك، وركَّزت على تلبية احتياجات الطرف الآخر ورغباته؛ مما يُسبِّب لك نوعًا من الألم الداخلي. وكي تتجنَّب النتائج السلبية لهذه الحالة، يجب أن تُركِّز كثيرًا على تحقيق احتياجاتك ورغباتك؛ فكل إنسان لديه رغبات خاصة به، ومَن ينكر هذه الحقيقة واهم.
يتمثل أكبر سلبيات إهمالك لاحتياجاتك الخاصة، وتركيزك على تحقيق احتياجات الطرف الآخر في الضعف الذي يُصِيب شخصيتك، وتنامي قدرة الطرف الآخر على السيطرة عليك؛ وبذلك تفقد استقلاليتك وقدرتك على الاعتماد على ذاتك، وسوف تظلُّ ظِلًّا للطرف الآخر؛ بل الأسوأ من ذلك أنك لن تستطيع الابتعاد عنه مهما أساء إليك. حتى إن انفصلت عنه، فلن تستطيع مواصلة حياتك دون البحث عن شريك يملأ الفراغ الذي خلَّفه ذلك الطرف الآخر. ومتى وجدت شريكًا، ولو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فستكون سعادتك غامرة إذا كان شريكك الجديد يشبه الشريك القديم!
مقال ذو صلة: الحرية التي تمنحها للطرف الآخر هي الأساس المتين لأي علاقة
في بعض الأحيان، قد تلتقي بشريك جيد يراعي مشاعرك، ويحرص على تلبية رغباتك؛ ولكن المفاجأة تكمن في الشعور بعدم الارتياح الذي سوف تعانيه؛ لأنك لم تَعْتَدْ تلك المعاملة الجيدة، وستفتقد إلى تحكم الطرف الآخر وسيطرته على حياتك. سوف تعاني الكثير من الألم العاطفي عندما لا تجد شريكًا بجانبك، ولن تستطيع مواصلة حياته بصورة طبيعية. سوف تُعانِي من تدنِّي نظرتك لنفسك، ولن تتحسَّن حياتك إلا بتغيير تلك النظرة، وتحقيق نوع من الاستقرار العاطفي.
إن أردت أن تفهم حالتك هذه بدِقَّة، فارجع إلى سنوات طفولتك؛ فقد يكون افتقادك للاهتمام والرعاية، أو تعرضك للإيذاء البدني أو العاطفي في تلك الفترة هو السبب الأساسي فيما آلَ إليه حالك، وكذلك في عدم قدرتك على التعامل مع مشاعرك وتلبية احتياجاتك الذاتية.
وبصفة عامة، أنت لا تُعانِي ضعفًا أو عجزًا، ولكنك مَرَرْتَ بتجارب سيئة في مراحل حياتك السابقة، انعكست على طريقة تفكيرك، ومن ثم على سلوكك وطريقة معالجتك لأمورك الحياتية. إن الحلَّ يكمن في تغيير الوضع القائم، وقد يتطلب ذلك دعمًا من المحيطين، أو من مُتخصِّص.
والآن، هل عرفت لماذا يشعر البعض بعدم الاستقرار عندما لا يكون لديه علاقة عاطفية؟