للذاكرة قدرات دائمًا ما تبهرنا، وقد طوَّر القدماء على مَرِّ التاريخ أساليب قَيِّمة لتطوير قدرات الذاكرة. كان ذلك يساعدهم على اقتفاء أثر مجالات مختلفة من المعرفة الإنسانية. أما في هذه الأيام، فيبدو أن هناك مجالاتٍ كثيرةً تحتاج إلى أن نقتفي أثرها؛ فحجم المعرفة الإنسانية ينمو بمعدل غير مسبوق وغير متوقع، سواء أكان مطلوبًا من المرء أن يحتفظ في ذاكرته بكَمٍّ كبير من التفاصيل، أم كان مطلوبًا منه استخدام ذاكرته كثيرًا على غير المعتاد. وأمثلة ذلك كثيرة؛ من محاولة تذكر الطابق الذي فيه عيادة طبيب الأسنان، إلى كلمات السِّرِّ التي تتكوَّن من سبعة أحرف وأرقام ورموز كحَدٍّ أدنى. وليس قولًا عجيبًا أن قدرة هؤلاء القدماء على التذكر تكمُن فيما يأكلونه.
إليك خمسة أنواع من الأطعمة اعتنى بها القدماء؛ لما فيها من فائدة للذاكرة:
الأعشاب
عُشبة إكليل الجبل من أشهر الأعشاب المقوية للذاكرة، حتى إنها كانت تُستخدَم شعارًا للزراعة. وقد أرجع العلم الحديث أهميتها إلى احتوائها على مضادات الأكسدة، وأحماض تساعد على توسيع أنسجة الأوعية الدماغية. حتى إن مجرد استنشاق إكليل الجبل يساعد على تقوية أداء ذاكرة الموظفين في مكاتبهم. وكذلك هناك أعشاب أخرى تساهم في رفع أداء الذاكرة، مثل: الجنكة، والجينسنغ، والجوتوكولا؛ لأن هذه الأعشاب تحفز الناقلات العصبية في الدماغ.
الشاي
الشاي من النباتات الشهيرة، التي تُقدَّم عادةً في صورة مشروب. وإن الجمْع بين بعض الأوراق البرية المختارة في كوب من الماء الساخن يُنتِج مشروبًا منشِّطًا ومنعشًا؛ هذا ما اكتشفه الإمبراطور الصيني المُبْتَكِر شين نونغ، فأطلق على هذا المشروب اسم “تشا”. وهي كلمة مشتقة من كلمة صينية تعني “التحقق من، أو البحث في”، ومنها أتت الكلمة التي نستخدمها الآن وهي “شاي”.
تكمن فائدة الشاي في أنه يتكوَّن من مزيج صحي من مضادات الأكسدة، ومادة الكافيين. ووفقًا لدراسة أجرتها جامعة ليمبورخ في هولندا، فإن الكافيين قد يؤدي إلى تحسين الوظائف المعرفية العليا، وخاصة الذاكرة. وتسمى مضادات الأكسدة التي يحتوي عليها الشاي “البوليفينول”، وقد أثبتت قدرتها على تحسين الوظائف الإدراكية والذاكرة.
وهذا بالإضافة إلى أن الشاي يحتوي على أحماض أمينية مُهدِّئة، تُدعَى الثيانين. وهي تساعد في خفض التوتر، وتساعد العقل في الاحتفاظ بالقدرة على الاسترخاء والتركيز. ولعل أكثر المعلومات قِيمةً عن الشاي أنه يحتوي على عشرة أمثال مادة “البوليفينول” الموجودة في الفواكه والخضراوات.
الفواكه والخضراوات
دعونا نُبدِي احترامنا للفاكهة والخضراوات؛ فالإنسان لا يستطيع أن يعيش مُعتمِدًا على الأعشاب وحدها. كما أن الألوان مهمة عند اختيار الفاكهة والخضراوات؛ فالجمْع بين ألوان متنوعة منها يساعدك في رفع كفاءة ذاكرتك.
يحتوي التفاح على مادة “الكيرسيتين”، التي تحمي من فقدان الذاكرة. وفي العنب البري والبنجر الأحمر مضادات أكسدة تُسمَّى “الأنثوسيانين”، تحمي أيضًا من فقدان الذاكرة. أما البصل الأحمر والعنب، فكلاهما يحتوي على مادتي “الكيرسيتين” و”الأنثوسيانين” على حَدٍّ سواء. ويحتوي الباذنجان على مادة “الناسونين”، التي تحمي الدهون في أنسجة الدماغ. وكذلك أثبتت الأبحاث والدراسات أن البروكلي والسبانخ والكرنب والخسَّ، والخضراوات ذات اللون الأخضر الداكن، تحتوي على نسبة عالية من حمض “الفوليك”، الذي يمنع فقدان الذاكرة، بل يساعد على استرجاعها.
الأسماك والمكسرات
هل تودُّ تجربة السوشي؟!
أوميجا 3 التي في الأسماك (والمكسرات) مفيدة جدًّا للدماغ. وأسماك المياه المالحة، مثل: سمك الماكريل، والرنجة، وثعبان البحر، وسمك التونة؛ كلها مصادر أساسية لمادة “الفسفاتيديل”. لستَ في حاجة إلى تذكُّر كلِّ هذه المصطلحات، بل تذكَّر فقط أن هذه الزيوت تحتوي على مواد غذائية لا تُصْنَعُ في الجسد؛ لذلك يجب أن تأكل منها الكثير.
الحلوى
عسل النحل مفيد ولذيذ، والجميع يستمتع بعسل النحل على مَرِّ التاريخ؛ فقد استُخدِمَ العسل لآلاف السنين في الغذاء والدواء. حتى إنه ذُكِر في القرآن الكريم. واستنادًا إلى دراسة أجرتها جامعة “وايكاتو” في نيوزيلندا، بدأ التسويق للعسل على أنه سائل من الذهب مفيد للمخ. وتشير هذه الدراسة أن اتِّبَاع نظام غذائي يدخل فيه العسل كجزء أساسي يزيد فرصَ التخلص من القلق، وتحسين الذاكرة.
الآن، لدينا مُبرِّر لتناول الحلوى، ومن الواضح أن قوة الذكرة الجيدة تعتمد كثيرًا على ما نأكله.