يعيش أكثر الناس في قلق دائم وخوف من المستقبل كأنهم يريدون أن يَعلموا الغيب!
كثيرة هي العوامل التي تثير انفعالاتنا، وهي تنقسم إلى نوعين: عوامل خارجية، وأخرى داخلية. فإن تحدثنا عن العوامل الخارجية، فإن وسائل الإعلام أهمها وأخطرها؛ لأنها تُروِّج قصصًا لا تنتهي عن الإرهاب والأوبئة والكوارث الطبيعية، حتى الاحتباس الحراري، وغيرها من القصص والأخبار التي لا يبدو أنها تخبرنا بما يجري في العالم؛ بل تصنع جوًّا دراميًّا مليئًا بالإثارة والتشويق، فتزيد إعلاناتهم، ومن ثَمَّ أرباحهم!
أما العوامل الداخلية، فتشمل تركيب المخ نفسه، والبيئة التي نكبر فيها، والتجارب التي نمر بها.
تُحدد العوامل الداخلية والخارجية -دون وعي منا- كيف نفكر في الخوف ونتفاعل معه في حياتنا. لذا، ليس غريبًا أن نعتقد أن أفكارنا لا تثير مخاوفنا، بل نعتقد أنها لا تشكل أهمية كبيرة!
هل تود أن تفهم حقيقة الأمر وتعرف ما عليك فعله؟ هل تود أن تستعيد السيطرة على حياتك وتُعيد ضبط أفكارك حول الخوف؟ يجب أولاً أن تنظر لنفسك في المرآة!
علاقاتنا بالآخرين انعكاس لعلاقتنا بأنفسنا
تعكس طريقتنا في التعامل مع الآخرين كيف نعامل أنفسنا. اسأل نفسك: كيف تتفاعل مع انفعالات الآخرين ومشاعرهم؟ إن كان أحدهم منزعجًا، فهل تساعده في التخلص من هذا الشعور أم أنك تتجاهله كأنك لم ترَ شيئًا؟
إن الانفعالات العليا تعبر عن كيفية التجاوب مع المشاعر بصفة عامة، وهذا ما يجعلنا نتجاوب مع المشاعر التي نمر بها نحن أو الآخرون، كالحزن والخوف والغضب، بالقبول أو الرفض.
تتطور تلك الانفعالات العليا في مرحلة الشباب؛ حيث نقمع مشاعرنا ونكبتها، أو نعبر عنها لأقصى درجة، أو نتحكم فيما نشعر به.
تكمن مشكلة تلك الانفعالات العليا في أنها استجابات بديهية، كشعورنا بالخوف عندما نشاهد فيلمًا عن الثعابين مثلًا. بالطبع، ستكون تلك الانفعالات مفيدة في حالات مثل الكرِّ والفرِّ، لكن الجسد يفرط في استدعائها بطريقة خاطئة.
على سبيل المثال، يستجيب الجسد بطرق متشابهة للمواقف أو الأحداث التي تحمل الخصائص نفسها، ممَّا يُساعدنا على اتخاذ قرارات تُحافظ على سلامتنا وطاقتنا، ونتجنَّب التفكير أو المجهود الزائد عن الحدِّ. فإذا تركنا حَدْسنا يقرر نيابة عنّا كل شيء، فقد نبقى أحياءً وبعيدين عن الخطر لمدة أطول، لكنه لن يُحسِّن حياتنا على الإطلاق.
إذا استطعت فهم انفعالاتك العليا، فستفهم استجاباتك البديهية اللاواعية للخوف، وتُغيِّرها. سيكون التخلص من الخوف شاقًّا وصعبًا، لكن العيش معه أصعب ويُدمِّر الحياة! تكمن الصعوبة في الخطوة الأولى، وهي أن تكون على دراية بردود أفعالك. حين تفعل ذلك، ستفكر بوعي، وتُقيِّم مشاكلك منطقيًّا.
الجهل بالمخاطر يزيد الخوف
آمي مورين
حين يتعلق الأمر بالانفعالات واتخاذ القرارات، فليست البديهة خير وسيلة لحساب المخاطر، واتخاذ القرار المناسب.
إن ما يميزنا عن الحيوانات هو التفكير الواعي؛ لذا فكِّر بعقلانية في المشاكل والمواقف التي في حياتك لكي تصل لرد فعل مناسب.
صحيح أن التفكير العقلاني بطيء ويتطلب جهدًا، مما يجعلنا نهرب من مشاكلنا؛ خوفًا منها، بدلًا من مواجهتها؛ لكن إن فهمت انفعالاتك العليا -قبولًا كانت أو رفضًا- ونظرت إلى جوهر المشكلة بدلًا من النظر إليها كحالة عامة، فستكون قادرًا على التفكير بعقلانية، فتقلَّ مخاوفك، وتتحسَّن استجاباتك.
للأسف، حين نفكر بطريقة لاواعية يتملكها الخوف، لا نستفيد خبرات من التجارب التي نمر بها؛ لذا واجه العوامل الخارجية والداخلية التي تؤثر دون وعي منك في تفكيرك، وتحكَّم بها لكي تنجح في إعادة تشكيل معنى الخوف بداخلك، وحينها ستحقق ما لم تحلم يومًا بتحقيقه.