غالبا ما تظهر العادات السيئة وتترسخ بسبب معتقدات خاطئة؛ فعادة ما يلجأ البعض إلى التدخين فقط من أجل التغلب على التوتر والقلق. ويرجع السبب في ذلك إلى تأثير الحركة التلقائية التي يفعلها المدخن في أثناء التدخين؛ فهي تمنحه شعورًا طاغيا بالسيطرة على الأجواء المحيطة به، ولهذا يلجأ الكثيرون إلى التدخين عند شعورهم بالقلق والتوتر. ويُعَدُّ هذا الشعور من أهم الدوافع التي تقود المرء إلى التدخين.
وقد يلجأ محبو التسوق إلى شراء الأشياء فقط لتحسين حالتهم المزاجية، وليس لأنهم يحتاجون إليها. وهذا النوع من الأشخاص يبحث عن حلول سريعة للتغلب على التوتر والقلق، كذهابه إلى التسوق على سبيل المثال. ولكن من المثير للسخرية أن هذه الحلول قد تجلب تأثيرًا عكسيًّا؛ لأنها قد تزيد توترهم، وتؤثر سلبًا على حالتهم المزاجية عند علمهم بقيمة المبالغ التي أنفقوها.
وكذلك، يلجأ مدمنوا المخدرات إلى تعاطيها للهروب من مشاكلهم. ولو أنهم تعلموا أو أتيحت لهم الفرصة ليتعلموا كيف يواجهون مشاكلهم بكل شجاعة، لما لجؤوا إلى تعاطي المخدرات من الأساس.
كل هذا يؤكد لنا أن الكثير من عاداتنا السيئة هي مجرد قناع نُخفِى وراءه نقاط ضعفنا. والطريقة الوحيدة للتغلب على العادات السيئة الناشئة عن هذه الأسباب هي اكتساب مهارة التعامل مع نقاط ضعفنا؛ بدلًا من اتباع أساليب ضبط الذات. قد يكون ضبط الذات مُجْدِيًا في بعض الأحيان، لكنه بالتأكيد لن يُجْدِي نفعًا إذا لم نعالج المشكلة من جذورها.
إذا كانت تلك العادات تؤثر سلبا في صحتك، فلم لا تؤثر في الآخرين؟!
في بعض الدول، نجد بعض الصور المخيفة لأشخاصٍ مصابين بأمراض خطيرة مطبوعة على عبواتِ السجائرِ، لكنها بكل ما تحمله من ألمٍ لا تؤثر على الإطلاق في بعض المدخنين. يرجع السبب في ذلك إلى اختلاف القيم لدى الأشخاص؛ فقد تؤثر هذه الصور فيمن يترسخ في معتقداته الأهمية البالغة للصحة، بينما لا تؤثر فيمن لا يقدرون أهميتها.
قد يكون هذا الأمر أكثر تأثيرًا في النساء المدخنات؛ فعندما تخبرهن بأن التدخين قد يؤدي إلى ظهور حب الشباب بكثافة، فقد يكون هذا رادعًا يجعلهن يتراجعن عن التدخين.
باختصارٍ شديد، لكي تُقلِع عن عادةٍ سيئةٍ في حياتك، يجب أن تدرك مدى تأثيرها السلبي في الأشياء التي تستحوذ على النصيب الأكبر من اهتمامك. وها أنت قد أقلعت عن عادتك السيئة، لكنك في الواقع قد تشعر أن حياتك قد صارت مملة دون تلك العادة؛ فالكثيرون يَذكُرون أنهم بعد أن أقلعوا عن عادةٍ سيئةٍ، شعروا في حياتهم ببعض الممل والرتابة. وغالبًا ما يكون الرَّدُّ عليهم بجملة واحدة: “مرحبًا بكم على أرض الواقع”؛ فإنهم كانوا يهربون من الواقع على مَرِّ السنوات الماضية، والآن يعيشون الواقع للمرة الأولى.
لا تهرب من واقعك، بل حاول إصلاح عالمك؛ لأنه هو السبب الرئيسي وراء هروبك. ويجب أن تعلم أن إصلاح العالم من حولك يتطلب شجاعة مطلقة، لكنه في المقابل حلٌّ مثالي وطويل الأمد.
وراء كل عادة سيئة نية حسنة
نحن نمتلك ما يكفي من الذكاء لكي لا نُدمِّر حياتنا لأسباب واهية؛ فعادة ما تكون هناك نية حسنة وراء كل عادة سيئة. نجد مثلًا مُدمِني الكمبيوتر لم يكونوا ليقدموا على إدمانه لو لم تكن حياتهم بالفعل مملة ورتيبة دون قضاء كل هذا الوقت أمام الكمبيوتر. وفي هذه الحالة، قد يكون الحلُّ الوحيد لهم هو توفير نمط حياة جديد وممتع؛ لكي لا يَقْضُوا كلَّ هذه الساعات أمام الكمبيوتر، وذلك باتباع عادة حسنة تلبي لهم الاحتياجات التي تلبيها العادة السيئة.
ومن هنا، نقول إن التغلب على العادات السيئة يكمن في معرفتنا بالاحتياجات التي تلبيها تلك العادة، ومحاولة تلبيتها عن طريق عادات أفضل.