عندما نلتقي الآخرين سرعان ما تبادر إلي إصدار الأحكام عليهم وعلى شخصياتهم. ويتضح أننا حينما نتخذ قرارا بشأن كنه مشاعرنا تجاه أحد الأشخاص فإننا حينئذ نصدر حكمين لا حكما واحدا و المعياران اللذان يمتد بهما في هذا السياق هما “المقدرة” أو قوة الأداء والقدرة علي الفعل – و”الدفء” أو قوة المشاعر والحميمية والإحساس بالآخر.
المقدرة
تعني قدرة المرء علي الفعل وإنجاز المهام حشد الإمكانات وإنفاذ الإرادة وحينما يظهر الشخص المقدرة يكون على الآخرين أن يطيعوه ويتبعوه ويحترموه وينصتوا إليه.
الدفء
هو الإحساس بأن شخصا ما يشاركنا مشاعرنا واهتماماتنا ورؤيتنا للعالم وحينما يظهر الشخص عنصر الدفء فإننا نعجب به ونتعاطف معه ونتفهم دوافعه ونمنحه دعمنا وحماسنا وتأييدنا حتى دون أن يطلب ذلك.
الشخص الذي يبدي كلا العنصرين يترك تأثيرا كبيرا فينا لأنه يؤدي بصدق لتحقيق أفضل مصلحة لنا ولذا فنحن نوليه ثقتنا ونعده من أصحاب الرأي السديد والفكر الرشيد ومن قادة التجديد مثل هذا الشخص يتمتع بالإدارة (الدفء) والقدرة (القوة) للاعتناء بمصالحينا فحن نعتبره قائدا ونشعر بالراحة لأننا نعلم أنه يمسك بزمام الأمور.
ونجد أن المقدرة والدفء هما المعياران الرئيسيان اللذان تتمحور حولهما كل الأحكام الاجتماعية التي نصدرها على الدوام.
إلا أن التحدي الذي يواجهنا بشأن هذين المعيارين هو صعوبة إبرازهما معا والتعامل معهما بشكل متكامل لأن كلا منهما يبدو مضادا ومتناقضا مع الآخر فمصدر الصعوبة هو أن المقدرة والدفء بينهما توتر ومواجهة مباشرة أحدهما مقابل الآخر ومن شأن هذا التوتر أن يطرح أمامنا معضلة حيث علينا أن نقرر في كل لحظة أي نوع من الإشارات الاجتماعية سنرسل إلي العالم (إلي الآخرين) فهل نختار أن تبرز الدفء الذي من شأنه أن يؤمن لنا إعجاب الآخرين؟ أم الأفضل أن تظهر المقدرة التي من شأنها أن نفرض احترامنا على الآخرين فينتهي بنا الأمر إلي الفشل في إظهار أي منهما في ذات الموقف ونقص الوقت؟
قدرتنا على تسيد الموقف والتحكم في توتر بمستوى هذا الضغط العالي لكي نظهر ونعر عن قوتنا وحميميتنا وعن ثقتنا بأنفسنا ورحابة مشاعرنا في الوقت ذاته فهو أمر صعب ونادر الحدوث لدرجة أننا نحتفي ونحتمي بالأشخاص الذين يتمكنون من التحكم فيهما معا فتضعهم في القمة ويتملكنا شعور بالغبطة نحوهم ولقد أطلقنا مسميات كثيرة على هذه “الهبة الإلهية” منها عظمة – وقيادة – بطولة –شجاعة – تأثير – تميز – وتفرد ونلخصها أحيانا بكلمة واحدة كبيرة نسميها: “كاريزما“