المقدرة تضمن إنجاز المهام و بوصفهما سمة شخصية فهي معيار للقدر الذي يتمكن به المرء من فرض إرادته على عالمنا فكل من يظهر هذه السمة يجذب اهتمامنا وسبب ذلك هو أننا نحتاج أن نعرف ما إذا كان سيستغل مقدرته هذه لمساعدتنا أم ضدنا لصالحنا وهو معنا أم لصالحة هو فقط. وسواء خالجنا شعور بالحسد أو بالغبطة فنحن نظهر الاحترام لكل الأشخاص الذين تبرز فيهم سمة المقدرة.
وترتبط القيادة بسمة المقدرة ارتباطا لا ينفصم عراه. ونحن ننظر إلي الشخص صاحب المقدرة كقائد لأنه يستطيع أن يوفر الحماية لنا ضد المخاطر التي تهددنا شخصيا أو تهدد مجتمعنا. لأن المقدرة تتشكل بدورها من عنصرين أساسيين:

  • القدرة علي إحداث التأثير في العالم.
  • والتحلي بروح المبادرة بعمل ما.

القدرة

وهي تتضمن أي شيء يسمح لك بالتأثير في العالم ويشتمل هذا علي سمات القوة الجسمانية والمهارات التقنية المكتسبة والمهارات الاجتماعية الذكية والحكمة التي هي ثمرة التجارب المحنكة ويشير علماء الاجتماع إلي مجمل ذلك كله بمصطلح أو مفهوم: “الكفاءة”.

الإدارة

هي المقدرة الشخصية اللازمة للشروع في الفعل فالإرادة تتبدى بوصفها التزاما بالمضي قدما بل (أوعلي وجه الخصوص) في مواجهة العقبات والمقاومة والصمود.فنحن نتحدث عن هذه الصفة طوال الوقت ونسميها التصميم أو العزم أو التحفيز أو الطموح أو المرونة.

الدفء

هو ما يستشعره الناس حينما يدركون أنهم يتشاركون في المصالح والهموم. أو هو الشعور بالانتماء إلي فريق أو مؤسسة أو مجتمع أو وطن. فإذا كانت المقدرة تتعلق باستطاعة المرء تنفيذ ما عزم عليه. بالدفء يتعلق بما إذا كنت ستكون سعيدا ومتفائلا ومتحمسا لقطف ثمار جهودك فحينما يظهر الأشخاص الدفء فإننا نعجب بهم ونعمل على توطيد علاقتنا معهم. والدفء يشتمل على مفاهيم ومكونات ذات صلة منها التعاطف والألفة والحب.

التعاطف أو التفهم

إظهار التعاطف يعني أن:

  • تضع نفسك موضع الآخرين.
  • يمنحنا الراحة ذلك الشعور بأننا لسنا وحدنا.
  • وإن التعاطف لا ينتهي عند المشاعر وحسب فثمة بعد إدراكي للتعاطف إذا إن الشعور المشترك يقوم علي إدراك مشترك وتتوثق وشائجه بالمشاركة والتفهم المتبادل. ويتجلى هذا بوضوح عندما نقول : “أدرك هذا” بمعني “أفهم سبب شعورك هذا”.

الألفة

الأشياء والأحاسيس المألوفة مصدر ضروري لخلق الشعور بالارتياح فحينما نواجه شخصا أو شيئا غير مألوف فإننا نكون حذرين أي نكون مستعدين للاستجابة بقوة (لأننا خائفون) ونبقي متأهبين حتى نتأكد أن خطر حقيقيا وكبيرا يتهددنا.

الحب

حدد الباحثون ثلاث منظومات أو حالات بيولوجية مختلفة نطلق عليها “الحب” وهي الحب الرومانسي أو الأفلاطوني الحالم والانجذاب الجسدي في الحب الغريزي ومشاعر المودة العامة أو التفاعل الشخصي والجماعي والنوع الثالث أي مشاعر المودة والتعلق والتفهم هي التي تعنينا في موضوع الدفء وتطبيقاته في القيادة والتأثير.

الهالة والطاقة المتحركة

المقدرة والدفء عنصران يكمل أحدهما الآخر وليسا ضدان إذا حضر أحدهما غاب الآخر وهناك قدر كبير من التفاعل المتبادل بينهما.
فهناك أولا تأثير الهالة: فنحن نميل إلي أن ننسب سمات إيجابية للأشخاص الذين يتمتعون بسمات إيجابية أخرى.

طاقة الدفء والمقدرة متحركة ومتنقلة

بمجرد أن نعجب بشخص ما ينطلق تأثير الهالة ويبدأ عمله فنجد أنه من السهولة بمكان أن نكون رأيا مغاليا بشأنه ويصبح من الصعب أن نظن أي شيء آخر غير أن هناك آلية أخرى تتدخل هنا وهي في صراع مع تأثير الهالة.
هناك تأثير هيدروليكي ومتحرك ومتنقل ومتبادل بين المقدرة والدفء فحينما يرتفع أحد العنصرين عادة يهبط منسوب العنصر الآخر. ارفع صوتك حتى يصل إلي مسامع الآخرين خلال اجتماع وستبدو وكأنك غاضب أظهر مزيدا من الاحترام بصدر رحب تجاه زملائك وستبدو كما لو كنت شخصا مستكينا فكل ما تفعله تقريبا لزيادة مقدرتك يقلل من سمة أو طاقة الدفء لديك وكل ما تفعله لزيادة حميميتك يقلل من سمة ومن طاقة المقدرة لديك أيضا.

المقدرة + الدفء

أبسط طريقة للتفكير بشأن كم المقدرة والدفء اللذين يظهرهما شخص ما هو قياس المشاعر التي تعترينا حيال تصرفاته.
لقد رأي مكيافيلي أن المقدرة العالية يمكن أن تثير الخوف بينما يمكن للإسراف في الدفء أن يثير المحبة وتبدو الصورة أعقد قليلا حينما ننظر إلي أشكال مختلفة من امتزاج المقدرة بالدفء.
فقد قدمت إيمي كادي من جامعة هارفارد بحثا هو بمثابة بذرة لما تلاه من أبحاث وبينما ركز البحث على فهم كيفية إصدار الأحكام آلية نمطية فقد اعتبر عنصري: (المقدرة والدفء) عاملين يشكلان أحكامنا بشأن الآخرين.
ونجد أن هناك أربعة مستويات للمقدرة والدفء هي:

  • الإعجاب.
  • التعاطف.
  • الحسد/ الخوف.
  • الازدراء.

الركن الأيمن في الأعلى هو بكل وضوح ركن المستقبل، الأشخاص الموجودين به ينتمون إلي فريقنا وهم أفضل اللاعبين هناك يقبع الأشخاص أو القادة الذين نخلع عليهم سمة “الكاريزما” ، وهناك لا ترى أشخاصا كثيرين لأنه من الصعب السيطرة علي التوتر أو حالة الشد والجذب بين كل من المقدرة والدفء وإظهار ما يكفي من كليهما في الوقت ذاته من أجل كسب عميق الاحترام وخالص المودة.

المقدرة والدفء وحالات التناغم لا التصادم

المقدرة والدفء طاقات وقوى حياتية أساسية ، المقدرة تمنحنا شعورا بالتسيد أما الدفء فيسبغ علينا إحساسا بالانتماء، والتسيد والانتماء هما الوسيلتان اللتان نتمكن بهما من التحكم في مشاعر القلق البدائية لدينا وعندما يسعدنا الحظ فإننا نستشعر الإثارة التي تنطوي عليها الحياة المقدرة تمكن الدفء وتعطيه مساحة أرحب ذوو المقدرة فقط يدافعون عن رؤاهم وذوو المقدرة والدفء يدافعون عن مشاعر الآخرين وعن رؤاهم، والدفء أيضا يمكن المقدرة، فيداوي جراحنا ويمنحنا هدفا يجعلنا أقوياء، لكل من المقدرة والدفء فوائدهما الخاصة ولكن حينما يتناغمون وينسجمان فإن الحياة كلها تستقيم وتصبح لها أيضا نكهتها الخاصة.

إذا ما يحدث عندما تمتزج العناصر مع بعضها ببعض فالأمر أكبر من كونك لا تخشي ظلك وأكبر من مجرد إتقان مهارات تواجه بها الحياة . هو أكبر لأنه يصنع من نوع خاص بل يصنع حيوات لها نكهاتها وغاياتها. فالأمر يتعلق الانخراط وجدانيا في اللحظة، من خلال إدراك أقوالك والإحساس أفعالك التي تعبر عن مقدرتك ودفئك في تلك اللحظات تشعر بأنك قوي ومتصل حقا بالعالم وبالآخر، وهذا هو ما يجعلك مقنعا أما الآخرين، لأنك حتما ستكون مقنعا أمام نفسك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *