من أهم النصائح التي يوجهها العديد من مدربي الحياة أننا يجب أن نعمل من أجل تحقيق مصلحتنا الشخصية. وللوهلة الأولى، قد يشعر المرء بعدم الارتياح؛ لأن هذا الأسلوب قد يعد نوعًا من الأنانية. ولكنني أدركت أن الاهتمام بمصلحة الفرد الشخصية، عندما يكون بشكل سليم، لا يعد تصرفًا أنانيًّا، ولكنه طريقة لضمان تحقيق أقصى استفادة من حياته، ومن ثم مساعدة المحيطين به في تحقيق أقصى استفادة من حياتهم.
ما مصلحتك الشخصية؟ وكيف توائم تصرفاتك وأهدافك وحياتك معها؟ وكيف يؤثر ذلك في المحيطين بك؟
أعتقد أن التصرف بما يخدم مصلحتك الشخصية يتضمن أربعة جوانب أساسية:
- تلبية احتياجاتك البدنية، كأن تحظى بقسط وافر من النوم، وتمارس التمارين الرياضية.
- تلبية احتياجاتك العاطفية، كأن تحصل على الدعم حين تطلبه.
- تلبية احتياجاتك العقلية، كأن يكون لديك وظيفة مثيرة للتحفيز.
- تلبية احتياجاتك الروحية، كأن تقضي بعض الوقت في التأمل أو الصلاة.
- الاحتياجات البدنية
إذا كنت تعاني من الإرهاق البدني باستمرار؛ لأنك لا تحرص على تناول وجبات صحية، ولا تحظى بقسط وافر من النوم، ولا تمارس التمارين الرياضية؛ يجب إذن أن تجعل هذه الأشياء أولويات في حياتك.
هل تسهر لوقت متأخر لمشاهدة التلفاز مع شريك حياتك، وتشعر بالحرج من أن تتركه وحيدًا لتذهب إلى النوم؟ هل تتجاهل وجبة الإفطار الصحي وتتناول الوجبات السريعة؛ لأن لديك أعمالًا كثيرة تريد القيام بها؟ هل ترفض الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية كي تُوفِّر المال لنفقات البيت؟
كل هذه الأشياء من شأنها أن تؤثر سلبًا في حياتك. ولكي تهتم بنفسك، لا بد أن تفكر في نفسك أولًا؛ لأن الشعور بالارتياح والمحافظة على الصحة سوف يجعلانك تتمتع بالطاقة اللازمة لمساعدة مَن حولك. وعلى النقيض من ذلك، إذا كنت تشعر بالإرهاق والتعب، فلن تستطيع مساعدة مَن تحب.
الاحتياجات العاطفية
يمثل البعض ملاذًا يلجأ إليه الآخرون لكي يجدوا عنده حلولًا لمشاكلهم، وقد تكون ميزةً رائعةً أن يمتلك الإنسان القدرة على أن يكون مستمعًا جيدًا؛ ولكن هذه الميزة قد تتحول إلى عبء عندما يشعر الإنسان أنه بحاجة إلى الدعم من الآخرين، ولكنه لا يرغب في أن يكون مصدر إزعاج للآخرين.
عندما تمر بأوقات صعبة، يمكنك أن تطلب من أحد أصدقائك أو أقاربك أن يكون إلى جوارك لتتبادل معه أطراف الحديث بشأن مشكلتك وما يعتمل في صدرك. ولا شك أن هذا الطرف الآخر سوف يشعر بالسعادة لمساعدتك، خاصةً إذا انطوى هذا الأمر على نوع من رَدِّ الجميل لموقف سابق قدمت له فيه يد المساعدة.
ولا شك أن الاهتمام بالنَّفْس مظهر صحي حين يحمل قدرًا من التقدير لذاتك، والرغبة في احترام مشاعرك ورغباتك واحتياجاتك، فضلًا عن الثقة في قدراتك ومعارفك وخبراتك. فإن لم تلجأ إلى المقربين منك عندما تشعر بالحزن أو الوحدة أو الإحباط، فقد ينتهي بك الأمر للجوء إلى وسائل غير ذات نفع لعلك تجد فيها الراحة.
الاحتياجات العقلية
لدى كل منا رغبة دائمة في أن يعيش حياة مثيرة مليئة بالتحديات والإنجاز. فإذا لم يكن في حياتك شيء جديد لتتعلمه، فلا تضغط على عقلك بالتفكير، ولا تضع نفسك في اختبارات تتجاوز قدراتك. فيما يلي نماذج لأشخاص يعيشون حياةً لا تلبي احتياجاتهم العقلية:
الشخص الأول يعمل في مصنع في وظيفة مملة ذات راتب منخفض، ولكنها وظيفة ثابتة. لدى هذا الشخص شغف بالكمبيوتر، وقد حصل على دورتين في مجال البرمجة، ولكن سَرْعَان ما أصابه اليأس، فترك الأمر برمته؛ لأنه اعتقد أن التغيير الوظيفي قد يكون له نتائج خطيرة على استقراره العائلي.
الشخص الثاني سيدة تقضي معظم وقتها في المنزل لتعتني بثلاثة أطفال صغار. وهي تحب أطفالها للغاية، ولكنها تفتقد بشدة عملها كصحفية. ونظرًا لحاجة عائلتها لها، أقنعت نفسها بأنها تستطيع العودة إلى عملها مرة أخرى بمجرد أن يكبر أطفالها.
والشخص الثالث شابٌّ يدرس العلوم بناءً على رغبة والده، ولكنه من داخله يرغب في دراسة المسرح. ويقضي هذا الشاب معظم أوقاته في صراع بين ما يدرسه وما يرغب في دراسته.
هل تظن أن أيًّا من هذه النماذج الثلاثة يستطيع إشباع احتياجاته العقلية؟ بالطبع لا.
الاحتياجات الروحية
من الضروري جدًّا أن نحاول إيجاد بعض الوقت لتلبية احتياجاتنا الروحية؛ فمهما كانت درجة انشغالك، يجب أن تخصص بعضًا من وقتك للتأمل أو للصلاة، فسوف يساعدك هذا الأمر على إعادة شحن بطاريتك، ومواجهة الحياة بتفاؤل مهما كانت درجة صعوبتها.