الجميع احس بالخجل في وقت ما من حياته، ولكن عند البعض يشكل الخجل عائقا وجدارا عاليا يمنعهم من المشاركة في الحياة الاجتماعية وتحقيق أهدافهم الشخصية والمهنية. الأشخاص الخجولون يريدون التقرب من الآخرين ولكنهم يخشون الصد أو الانتقاد، لهذا فهم يتجنبون حتى المناسبات الاجتماعية، وهو ما يسبب لهم الشعور بالوحدة والانعزال وذلك يزيد في احتمال تعرضهم لمشاكل نفسية مثل القلق والانهيار العصبي. أحيانا يحاول الناس التغلب على الخجل بتعاطي الكحول أو المخدرات وهم ما يزيد المشكلة تعقيدا ويجعلهم تحت رحمة الادمان علاوة على مشكلة الخجل. تشير الدراسات إلى أن الخجل يحدث كالتالي:
يحس الشخص بارتياح لحالة أو وضع معين ولكنه يحس بالخوف الشديد من أن يقيّم بطريقة سلبية وبالتالي فإنه يتجنب تلك الحالة ولكن هذا يؤدي به إلى الاحساس بتأنيب الضمير والعار، وكطريقة للتعامل مع هذه المشاعر فإن الشخص يحولها إلى غضب وتوبيخ للآخرين، مما يجعلهم يبدون من وجهة نظره غير متعاونين وغير مساندين وهذا ما يقوي رغبته في تجنبهم. وبما أن المهارات الاجتماعية كغيرها من المهارات، لا يمكن أن يتعلمها الشخص إلا بالتمرين، فإن تجنب المجتمع من طرف الأشخاص الخجولين يحرمهم من فرصة تعلم هذه المهارات و يجعلهم في النهاية أشخاص غريبي الأطوار ولا ينتمون إلى المجتمع. وإليك الآن أربع طرق لتخطي مشكلة الخجل:
حضر نفسك حتى تسير الأمور على ما يرام
الخجل غير الشخصية المنطوية والتي تتميز بالصمت والتحفظ، فهو يتميز بالميل إلى المبالغة في التدقيق في السلبيات. الشخص الخجول لديه خوف كبير بأن يقيّم بطريقة سلبية، عندما يلتقي بالناس فهو يقضي وقتا طويلا في التفكير في عدم فعل شيء خطأ بدل التفكير في فعل شيء صحيح. الطريقة المجدية للتقليل من القلق عند لقاء الناس تتمثل في التفكير في أمرو تجعل الوضع ناجحا. إن كنت قلقا من موضوع الحديث الذي سيدور اسأل نفسك بعض الأسئلة التي تساعدك على فتح موضوع مثير للاهتمام. ماهي الأحداث التي يمكن أن تتكلم فيها؟ ما هي مستجدات حياتك والتي تريد التحدث عنها؟ ما هي الأشياء المشتركة بينك وبين الأشخاص الموجودين؟ يمكنك أيضا إعطاء فرصة لنفسك بالانسحاب، ولكن احرص على عدم استعمالها. الطريقة الأفضل للتغلب على مخاوفك هي بواجهتها، ولكن من المهم أن تحس أنك تسيطر على الوضع، عندما تحس أنه لا يمكنك المواصلة فيمكنك اغتنام فرصة الانسحاب وبهذا لا تحس أنك مقيد.
ركز انتباهك على الآخرين
من أهم أسباب الخجل هو تركيز الانتباه على النفس والتدقيق في التصرفات الشخصية وعليه فإن تركيز الانتباه على الآخرين ومحاولة معرفتهم يقلل من الخجل. حاول معرفة الأشخاص المحيطين: من هم ولماذا هم هناك؟ ما هي اهتماماتهم وهواياتهم؟ هذا يعطيك شيء تركز انتباهك عليه ويمكنك من الحصول على موضوع للنقاش، كل واحد لديه قصة يحكيها، حاول معرفة قصة الآخرين وانصت بانتباه، الناس تحب الكلام عن أنفسهم والطريقة التي تكون فيها مميز هي أن تجد الناس مميزين.
أعط لنفسك دورا
الكثير من الأشخاص الخجولين هم أناس ناجحون جدا في مجال عملهم، فتجد منهم الأطباء والأساتذة وأرباب العمل، والسبب في كونهم واثقون بأنفسهم عندما يتعلق الأمر بالعمل هو أن لديهم دورا يقومون به ولكنهم يفقدون تلك الثقة عند انتهاء العمل لأن الدور الذي كانوا يقومون به قد انتهى. عندما تعطي لنفسك دورا فهذا يمنحك سببا لعيش الحياة ويرشدك لطريقة تعاملك معها، معظم الناس يريد أن يحس أنه محبوب ومرغوب به وكجزء من جعل الأوضاع الاجتماعية سهلة بالنسبة لك، أعط لنفسك الدور الذي يجعل الناس يحسون كما يحبون أن يحسوا، فسيكون دورك عندئذ أن تجعل الناس يحسون أنهم محبوبون ومميزون ومرحب بهم.
كن لطيفا مع نفسك
الأشخاص الخجولون يكونون شديدي الانتقاد لأنفسهم وحوارهم مع أنفسهم يحتوي أشياء لا يمكنهم قولها للآخرين. عندما تنتقد نفسك بطريقة قاسية فأنت تتوقع من الآخرين أن ينتقدوك بنفس الطريقة، حوارك الداخلي يمكن أن يؤذي مشاعرك بشدة ويحرمك من السلام مع نفسك وتقديرك لها. أفضل طريقة للتغلب على انتقادك الذاتي هو أن يكون لك حليف قوي يدافع عنك: تحاور نفسك كأنك أفضل صديق لها، ابدأ بملاحظة الأشياء الجميلة فيك وتحدى الانتقاد الذاتي بهذه الأشياء: عندما تبدأ بانتقاد نفسك بأنك شديد الخوف من الصد تذكر أن الجميع لديه هذا الخوف ولكنهم بطريقة أو بأخرى تخطو ذلك، عندما تبدأ بانتقاد نفسك بأن لا أحد سوف يحبك تذكر أنك تحب نفسك وهذا هو المهم. عندما تتعلم كيف تكون لطيفا مع نفسك ولا تبالغ في الانتقاد فإن العلاقات الاجتماعية لن تخيفك كما كان الحال من قبل لأنك لن تعاقب نفسك على خوفك بعد الآن.
الخلاصة
كل علاقة اجتماعية تدخلها هي تمرين مصغر لتتعلم المهارات الاجتماعية، كلما فعل ذلك كثيرا كلما تحسنت طريقة تعاملك مع المجتمع وطريقة تعاملك مع نفسك، وإن كان خجلك أقوى من ذلك فهناك طرق أخرى للتعامل معها وذلك باستشارة مختص نفسي أو تعاطي أدوية ينصح بها الطبيب.