التأثير في الآخرين. لابد أنك ترغب باحتلال مكانة سامية بين الناس وامتلاك شخصية ذات تأثير قوى على المجتمع وعلى الناس من حولك، ولتحقيق هذه الرغبة أنت بحاجة لتعلّم وإتقان ما يسمّى بـ” فن التأثير الإيجابي ” وهو من أرقى الفنون التي تصعد بشخصيتك إلى أرقى المراتب والدرجات.
كيفية السيطرة على عقول الاخرين
وفن التأثير الإيجابي في الناس يتلخص في نقطة واحدة هي: أن نمنح الآخرين شيئاً ما هم بحاجة إليه مقابل شيء آخر نحن بحاجة إليه. وقس على ذلك كل الأشياء التي يمكن أن تكون مادية ملموسة، أو معنوية تأثيرها إيجابي في النفس.
كل منا بحاجة إلى أشياء بوسع الآخرين القيام بها وتقديمها لنا, وأنت.. وأنا.. ونحن جميعاً لدينا أشياء يحتاج إليها الناس وهم أيضاً لديهم أشياء نحتاج إليها احتياجاً فعلياً وضرورياً.لذا فعلينا أن نمنح الآخرين ما عندنا مقابل ما يأخذه منهم.
التاثير على الاخرين عن بعد
فالتأثير الإيجابي في نفوس الآخرين يكون عن طريق مبادلة الإهتمام مع الآخرين ورعايتهم ليقوموا هم بدورهم بالاهتمام بك ومراعاة مصالحك، كما يجب عليك أن تمنح الحب للناس لتحصل عليه بالمقابل، وبذلك تكون قد أثرت عليهم إيجابياً وجعلتهم يحبونك.
ويمكنك أيضاً منحهم الثقة لتكسب ثقتهم وتكون بالتالي شخصاً اميناً ومحلاً للثقة بالنسبة لهم، وعليك بالمقام الأول مراعاة مشاعر الناس وتفرح لفرحهم وتحزن لحزنهم وتهتم بمشاكلهم وتقوم بمواساتهم لتحصل على المقابل.
وللتأثير إيجابياً في الناس، عليك أن تكون مبادراً بالعطاء والكلمة الطيبة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ( تَبَسُّمُكَ في وَجْهِ أخيكَ صَدَقة ).
نعم إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بُعث ليتمّم مكارم الأخلاق وهذه هي مكارم الأخلاق التي يمكن إدراجها جميعها ضمن إطار التأثير الإيجابي في نفوس الآخرين, وأنت قد لا تدرك حجم الأثر الذي تتركه في نفس أخيك عندما تلقاه بإبتسامة بكلمة طيبة تبادره بها.
وأشياء عديدة لا تحصى نملكها ولا نعرف قيمتها، ولا نعرف كيف نستخدمها استخداماً صحيحاً.
أمنح هذه الأشياء للآخرين وسوف يقومون عن طيب خاطر بمنحك النجاح والسعادة في المقابل، وبهذه الأشياء تتقن فن التأثير في الناس وتتمتع بشخصية جذابة قوية.
وربّما لم تدرك أخي القارئ أنك تمتلك أشياء وكنوزاً بداخلك لها قيمتها و يتعطش الآخرون إلى الحصول عليها فامنح الناس هذه الأشياء؛ تحصل على تأثير إيجابي طيب.
لذا لكي تتمتع بشخصية مؤثرة إيجابية كن أنت البادئ بالعطاء.
كيف تؤثر على الاخرين
والأن سنسرد بعض النصائح والخطوات التى يجب عليك أتباعُها للتأثير إيجابياً على الناس من حولك:
- عليك أن تكون قدوة للناس وإياك ان تدعو لشيء ولا تفعله، يقول تعالى : ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ﴾ فهو أمر خطير عليك الانتباه إليه ولو لم يكن ذا أهمية لما تحدّث عنه الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم.
- الصمت في بعض المواقف يغني عن الكلام ويكون أفضل من الكلام خاصة التدخّل في أمور لا تعنينا, يقول رسول الله صلى الله عليه وسلّم في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) ففي هذه المواقف التي تشعر أنها لا تعنيك عليك بالصمت فهو أفضل من الكلام.
- كن سلساً ورقيقاً في تعاملك مع الناس ولا تكن عنيفاً فهو لا يؤدي سوى إلى العداوة والشر ولا يؤثر شيئاً، فالله سبحانه تعالى عندما أمر موسى بالذهاب إلى فرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى قال : ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ وقال مخاطباً رسولنا الكريم ﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ وقال أيضاً مخاطباً الرسول صلى الله عليه وسلم ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾. وكما رأينا فالله سبحانه وتعالى يأمر نبيه موسى عليه السلام أن يخاطب فرعون بلين وأمر النبي الكريم بمجادلة المشركين بأفضل وأحسن الكلمات والعبارات ولم يأمرهم بالقول الغليظ والمشادات الكلامية وما إلى ذلك لأن اللين في الكلام يترك أثراً إيجابياً في نفس الآخرين يؤدي إلى إقناعهم.
- عليك بالتواضع فهو من أسمى الأخلاق التي تعكس عليك أثراً إيجابياً, وإياك والتكبّر مهما بلغ منصبك أو أوتيت مالاً فالتواضع يدفع الناس إلى أن يحبوك ويحترموك أشد أحترام، والتواضع هو الصفة الأساسية في جميع الأنبياء والرسل والتي أدت إلى نجاح دعوتهم ودفعت الناس إلى اتباعهم والاقتداء بهم.
- تغلغل بين الناس من حولك و شاركهم الأحزان والأفراح وأشعرهم أنك تهتم بهم وتشعر بهم.
مهارة التأثير في الاخرين
ولكن السؤال الآن هو ” كيف تكتسب هذه المهارة ؟ ” ولكى تكتسب هذه المهارة الهامة التى تُعتبر من أُسس علم التنمية البشرية عليك بإتباع النصائح الغالية التالية:
- عليك أن تكون متواجداً في الوقت الأنسب للتأثير في الآخرين, وأفضل الأوقات للتأثير في الآخرين هو عندما يكونوا بحاجة لمن يشاركهم فرحهم أو يواسيهم في حزنهم وما إلى ذلك من النقاط التي تم ذكرها سابقاً.
- إياك أن تقوم بإهانة أحد أو المساس بذاته، فقط عليك التأثير به عن بعد وضمن الحدود.
- أنصت للآخرين واستمع لهم واستجب لهم فعندها سيحبونك وتصبح قادراً على التأثير فيهم إيجابياً.
- عليك بالرفق واللين فلا تصدم أحداً بكلمة أو فعل حتى إذا غضبت منه عليك بالحلم وتقبّل ذلك بصدر رحب.
وفى نهاية حديثنا ينبغى علينا أن نؤكد ونُذكّر بأنّ الناس يتأثرون بشخصية الإنسان وأفعاله أكثر مما يتأثرون بكلامه أو بمعلوماته.
فأنت حينما تثير في نفسك النوايا والكوامن الخيرة، وتستحث حماستك فسوف تترك تأثيراً قوياً في الآخرين، بغض النظر عما تقول لهم.
فإنك حينما تمتلك شخصية قوية فأنت تفرض نفسك على الآخرين منذ اللحظات الأولى، لأن قوة شخصيتك تُعبِر عن نفسها من خلال ملامح وتعابير الوجه والأفعال تكون أكثر تعبيراً عنها من الكلمات وتكون أكثر مصداقية وتأثيراً فى من يحيطون بك.
وبالطبع ليس مطلوباً منك أن تصبح شخصاً أخر لكي تكون شخصية قوية، فهذا هو الخطأ الذي يصطنع وضعاً زائفا خادعاً، بل المطلوب أن تكون أنت ذاتك فى أفضل حالاتك، لكى تشعر بالسعادة وتُسعد الآخرين.
هناك مَن قال أن الصمت لغة العظماء، وهو على صواب إلى حد ما لأن الصمت أحيانًا يكون أفضل من الكلام، ومن الذكاء الإجتماعي أن نختار الكلمات المناسبة والوقت المناسب للكلام والوقت المناسب للأفعال لأننا نحتاج في بعض المواقف إلى أن ندع أفعالنا تتكلم بدلاً من ألسنتنا.
نعم احسنت استاذ أسامة فكما قيل قديما إن كَثُر كلامك كثر خطأك وإن كَثُر خطؤك قلّ حياؤك.
شكرا لك على تعليقاتك التي تثري المقالات وتضيف اليها