هل تعتقد حقا أنك تفكر بنفسك ولا أحد يأثر عليك؟ في عالم مليء بوسائل الإعلام الحديثة وشبكة الأنترنت الضخمة نحن تحت تأثير العديد من الأشياء لدرجة تصعب معها إدراك هل نحن نفكر بأنفسنا أم تحت التأثير. إلا إذا كنت شخصا شديد الفطنة، في كثير من الأحيان لا تعلم حتى إن كان ما تفكر فيه هو حقا من أفكارك. ليس ذلك أن كل المؤثرات سيئة أو تملي عليك وجهات نظرك، ولكن عدم قدرتك على التفكير بنفسك قد يجعلك في أحسن الأحوال تعيسا، أو دمية في يد شخص آخر في أسوئها.
كلنا نعيش في مجتمعات و ثقافات تحكمها معايير وأعراف وقواعد، وفي أغلب الأحيان نتخذ قراراتنا وفقا لذلك، ليس من الضروري أن يكون ذلك شيء سيء ولكن قد يقيدنا ويكبلنا إذا قبلنا كل شيء من دون استفسار وتدبر. التفكير بنفسك لا يعني أن كل أفكارك تكون فريدة من نوعها ولا يعني ايضا أن تكون معارضا لكل شيء وتجادل في كل شيء فقط لتبدو متحديا ومختلفا، وإنما يعني أنه مهما كان قرارك أو وجهة نظرك فإنها تكون نتيجة تفكير سليم و تمعن وتفحص دقيق للاختيارات المطروحة.
وكمثال على عدم تفكيرنا بأنفسنا:
كم منا يحاول جاهدا مواكبة كل ما هو جديد؟ نختار ألبستنا ونستمع للموسيقى التي توجهنا إليها وسائل الإعلام من أجل أن لا نبدو متخلفين أو شاذين. الشركات التجارية تطلق إعلانات تنومنا مغناطيسيا وتجعلنا كالقطيع يجري في وجهة واحدة، يجعلوننا نسرف في الشراء وفي الاستهلاك وحتى الاستدانة من البنوك، وهذه الأشياء تسبب لنا قلقا مستمرا ومزمنا، وقبل أن نفيق نجد أنفسنا نعيش حياة رسمت لنا مسبقا من دون أن يكون لنا رأي في ذلك.
كيف تعرف أنك لا تفكر بنفسك؟
- عندما تسمح للآخرين أو وسائل الإعلام بمنعك من فعل الشيء الصواب بالنسبة لك.
- عندما تختار أن تقرر وفق منظور أحادي مبني على العرق أو الجنس أو الثقافة أو الدين.
- عندما تفعل الأشياء بطريقة ما لأنها كانت تفعل دائما بتلك الطريقة رغم أنها لم تعد صالحة.
- عندما تتبع الخرافات وحكايات العجائز التي لا تستند إلى المنطق.
- عندما لا تأخذ الوقت اللازم للتفكير في الأشياء بتدبر وتمعن.
الفوائد التي تجنيها عندما تفكر بنفسك
- سوف تنمي الثقة بنفسك وقدراتك.
- سوف تحس بأنك أنجزت شيء.
- سوف تنمي عقلك وطرق تفكيرك وقدراتك.
- سوف تنال احترام الآخرين لأنك دافعت عن رأيك وكونك صادقا.
- سوف تصبح أكثر وعي بما تريد وسائل الإعلام توجيهك إليه.
- سوف تكون أكثر انفتاحا على التطوير الذاتي و وجهات النظر الأخرى.
- سوف تكون شخصا مرغوبا فيه عند الآخرين لأنك تنمي طرق تفكيرهم.
كيف يمكنك تنمية القدرة على التفكير بنفسك
اعرف نفسك جيدا
اعرف من أنت وماذا تريد وما هو الشيء الأفضل لك. لا تدع الآخرين، وخصوصا الشركات التجارية ووسائل الاعلام، تملي عليك كيف يجب أن تبدو أو تحس أو تتصرف. نمي ذوقك الخاص بك واستمتع بخياراتك.
كل على اطلاع جيد
اجمع أكبر قدر من المعلومات حول أي موضوع قبل أن تشكل رأيك حوله، اقرأ لاحظ واستمع لنفسك ثم خذ وقتك في التفكير والتقييم.
كن مرنا
انظر إلى أي حالة من أكبر عدد من الزوايا ووجهات النظر، وازن بين الربح والخسارة، هل هناك خيارات أخرى؟ أيها يمكن أن تضرك أو تنفعك؟ ما هي النتائج أو العواقب المحتملة؟
حدد ما إذا كنت متحيزا
هل رأيك كان نتيجة تأثرك بثقافتك أو محيطك أو كان رأي شخص آخر؟ هل كنت عادلا ومتفتحاً؟ في كثير من الأحيان نتخذ القرار الخطأ لأننا بدأنا من المكان الخطأ، لو أخذنا كامل وقتنا للتقييم ثم الحكم بناء على ما نلاحظه لا على ما وضع لنا من قناعات مسبقا، يمكننا حينئذ الوصول إلى نتيجة أكثر عملية وفائدة.
لا تتراجع تحت تأثير الضغط أو الخوف أو الاحساس بالذنب
تحل بالشجاعة لتدافع عما تعتقد وتوصلت إليه بنفسك، إن سايرت الآخرين من أجل عدم اغضابهم أو تجنب المواجهة فأنت تسيء للجميع وخصوصا نفسك، قد تكون لديك فكرة رائعة أو أن الأمر الذي تعتقد يكون هو الأصح، إن لم تعرض وجهة نظرك فلا أحد سوف يستفيد منها ولن تكون هنالك مناقشة في الموضوع وبالتالي فإن كل الاحتمالات لن تعرض. الأفكار الجيدة يمكن أن تصبح أفضل بطرحها للنقاش فلا تخشى شيء واعرض أفكارك وما توصلت إليه.
كما لاحظت من خلال المقال، تفكيرك بنفسك ليس أمرا سهلا، إنه يتطلب الارادة والوعي وفي بعض الأحيان الشجاعة، ولكن الفوائد كثيرة وتستحق العناء.