عقدت إحدى المستشارات اجتماعين مع اثنين من المديرين في شركتين من أكبر شركات قائمة مجلة “فورتشن 500” كان أحدهما مدير بنك والثاني مدير مجموعة إعلامية. في لقائها مع مدير البنك ارتدت لباسا محافظا للغاية حلة سوداء وتصفيفة شعر كلاسيكية وكياسة في حديثها و اتزان في حركاتها. ولم تفاجأ أن سارا اجتماعها علي نحو جيد لأن مظهرها ناسب ثقافة إدارة البنك وتوقعاتهم. في ذات اليوم حضرت اجتماع الشركة الإعلامية بنفس الهيئة وتصرفت بنفس الطريقة في بداية الاجتماع لاحظت أن مديري الشركة كانوا ودودين تجاهها ثم تبين لها تدريجيا أنهم كانوا أيضا متشككين ومتحفظين تجاه شخصيتها القوية وسلوكها الجاد والرسمي أكثر مما ينبغي وسرعان ما وجدت نفسها تجاهد لكي تقنعهم بأنها تفهم ثقافة شركتهم التي تضع الانفتاح والبساطة والإبداع والتعاون على رأس أولوياتهم.
كانت ثقافة البنك قوية ورسمية وتحتاج لإظهار المقدرة بينما تمتاز ثقافة الشركة الإعلامية بالدفء والانطلاق والابتكار أكثر من الروتين. ولقد فازت مع البنك لأنها أبرزت المقدرة وخسرت مع شركة الإعلام لأنها تجاهلت الدفء. مما أوحي للمديرين أنها لن تفهم ثقافتهم ولن تستطيع الغور في صميم احتياجاتهم.
اختراق دائرة جمهورك
كيف تدخل دائرة مستمعيك؟ يريد جمهورك دائما معرفة ما إذا كنت تتعايش معهم على نفس الموجة الوجدانية التي يستشعرونها. مفتاح الولوج إلي هذه الدائرة بسيط أظهر لمستمعيك أنك تشعر بالطريقة ذاتها التي يشعرون بها لتمنح مشاعرهم ما تستطيع من المشروعية والمصداقية.
إذا كان مستمعون يشعرون بالإحباط تجاه مسألة ما وكذلك أنت فاظهر لهم شعورك بالإحباط وإذا كان مستمعوك يشعرون بالسعادة حيال أمر ما وأنت أيضا شاركهم الإحساس بالسعادة. وإذا كان جمهورك يشعر بالارتباك والتناقض الوجداني بشأن مسألة ما فأظهر لهم أنك تشعر بما يشعرون.
عندما لا نتفق مع مستمعيك أو وجدت نفسك لا تشعر بنفس مشاعرهم فإن الولوج إلي الدائرة يكتسب أهمية أكبر لكنه لن يكون سهلا بكل تأكيد. في هذه الحالة عليك أن تتواصل مع مستمعيك وجدانيا وفكريا حتى علي الرغم من اختلافك مع رؤيتهم. فكيف يمكن فعل ذلك؟
أولا: عليك أن تظهر تعاطفك حدد شيئا ما يشعر به جمهورك ويمكنك أن تشعر به أيضا. ثم أظهر لهم أنك تشعر مثلهم تماما. إذا كنت ترغب في أن يتعامل الآخرون مع وجهة نظرك بجدية فعليك أن تتعامل مع وجهات نظرهم بنفس الجدية.
لكن ماذا لو أن الإجابة لم تعجبك؟
وماذا لو أن المستمعين أظهروا حدة في الطبع وشيئا من العناد وكثيرا من التعصب..؟
أسال نفسك عن الظروف التي جعلتهم يشعرون بشعور معين إذا كان مستمعوك يضمرون الكراهية فيمكنك أن تتعاطف مع مشاعر الإحباط التي دفعتهم لتبني هذه الكراهية. اسأل نفسك: ماذا لو وجدت نفسك تعيش نفس الظروف وتعاني نفس المعاناة فأنت دائما بحاجة لأن تعبر عن ذاتك وتقر بل وتعلن أنك ومستمعوك فعلا أن تنفقوا. ما ستتطلع إليه سيبقي دائما أعم وأهم من شكاوي مستمعيك الخاصة – التي تختلف معهم بشأنها – ولذا عليك دائما أن تعبر عن المشاعر التي وراء الشكاوي.