أصدرت استديوهات بيكسار فيلم Toy Story أو ما يعرف في اللغة العربية باسم “حكاية لعبة” في عام 1995م وكان هذا الفيلم أول أفلام الرسوم المتحركة التي تعتمد على الكمبيوتر في تصميم الرسوم وتحريكها. ومنذ ذلك الحين توالت نجاحات “بيكسار” بإنتاجها أفلاما مثل حكاية لعبة 2 أو حكاية لعبة 3 أو البحث عن نيمو وغيرها من الأفلام التي حققت نجاحات مالية وتكنولوجية امتدحها النقاد وشهد ببراعتها المشاهدون في جميع أنحاء وبالتالي أصبحت “بيكسار” التي فازت بعديد من الجوائز من بينها 26 جائزة أوسكار أحد الكيانات نادرة الوجود التي تمكنت من كسب احترام وتقدير السينمائيين ومتخصصي التكنولوجيا ورجال القيادة والمال والأعمال على حد سواء.

لقد حفظت استديوهات “بيكسار” على نجاحها بسبب حرصها على الابتكار والإبداع في أعمالها ولكن لم يتم إنتاج هذه الأفلام بفضل عقلية فذة أو ومضة عابرة من الإلهام بل بفضل الجهود التي بذلها مئات الأفراد على مدار سنوات من العمل الجاد تكلفت مئات الملايين من الدولارات. وما حققته “بيكسار” من إنجازات ونجاحات يمكن لمسه وإدراكه في الجهود التي بذلها “إد كاتمول” رائد الرسوم المتحركة القائمة على الكمبيوتر والذي شارك في تأسيس الاستديوهات وقادها إلى النجاح.

لقد اكتشف “كاتمول” في أثناء عملية إنتاج فيلم TOY STORY الدور الحيوي الذي تلعبه القيادة في تأسيس منظمة أو كيان يعزز من قيمة الابتكار ويشجع على العمل به فقد أدرك أن الابتكار قوة حقيقية لا يمكن فرضها أو اصطناعها. وبالفعل لا يمكن بث روح الابتكار في عمل ما إلا بتمكين هذه الروح وعلى حد قول “كاتمول” كل فيلم تنتجه “بيكسار” هو وليد عشرات الآلاف من الأفكار التي تظهر في كل جملة وفي أداء كل سطر وفي تصميم الشخصيات والأماكن والخلفيات ومواقع الكاميرات وفي الألوان والإضاءات وسرعة تطور الأحداث فالمخرج وغيره من قادة الإنتاج المبدعين ليسوا وحدهم أصحاب جميع الأفكار التي نعتمد عليها في إنتاج الفيلم بل إن كل عضو من المائتين والخمسين عضوا في الفريق يدلي بدلوه فوجود الإبداع والابتكار في كل مستوى فني وتقني نعمل به في مؤسستنا ضرورة ملحة لا غني عنها.

درس آسيوي في قيادة الابتكار الجماعي

لقد أبدعت مؤسسة (إتش سي إل للتقنية) في قيادة الابتكار الجماعي عندما رأت قيادتها العليا أن مجلس الإدارة وفريق الإدارة التنفيذية لا يملكون أفكار وشخصيات العاملين في المؤسسة. وإنما يملكون ثمار جهودهم.فعندما يشارك العاملون المبدعون بجهودهم ويمتلكون أدوات وممكنات الابتكار. فلا تعود سهولة الهدف المنشود أو صعوبته هي المسألة لأن التمكين والإبداع الجماعي كما رأته قيادة (إتش سي إل للتقنية) يقع في صميم وجوهر القيادة. لقد آمن قادة المؤسسة بالعبقرية الكامنة داخل كل فرد والدور الذي تلعبه مواهبه الفريدة إذا ما تلاحقت مع غيرها في التوصل إلى حلول مبتكرة وخلاقة لأن الابتكار العبقري هو دائما نتاج جهود مشتركة وليس محصلة ذكاء عدد قليل من الموهوبين. ففي حالة توفير البيئة الملائمة ونظم الأداء والفرص المشجعة يدمج الأفراد مواهبهم معا للوصول إلى مرحلة أو حالة النبوغ الجماعي.

وهذه حقيقة لا ينتبه إليها الكثير من القادة فقد يبدي معظم القادة تقديرهم للموهبة العقلية التي يتمتع بها كل فرد داخل فرقهم ولكنهم لا يشعرون بأن دورهم القيادي يقتضي الاستفادة من هذه المواهب كما ينبغي شكلت هذه المؤسسة الذكية فريقا من ثلاثين شابا للعمل على فكرة “الدور التحويلي لتقنية المعلومات” وأطلقت عليهم اسم “العباقرة الصغار” وخصصت لهم مكاتب في نفس الطابق الذي تقع به الإدارة التنفيذية المؤسسة. وحرصت القيادة العليا على مقابلتهم بشكل متكرر أثناء تخطيطهم لشن حملة داخلية تهدف إلى تعزيز إشراك الموظفين في تطوير المؤسسة. لقد تم بالفعل تغيير الطريقة التي يتعامل بها الموظفون داخل المؤسسة وبعد توفير الممكنات وفتح بيئة العمل على اتساعها للابتكار حفز هؤلاء العباقرة الصغار على ابتكار شعار تسويقي وإنشاء بوابة إلكترونية على الشبكة الداخلية للمؤسسة تقوم على فكرة “الموظفون أولا” ثم أضيف عنصر التعهيد الجماعي إلى الطريقة التي تتولى بها المؤسسة تخطيط الأعمال وأنشئت بوابة أطلق عليها اسم “مسودتي” أو “تجربتي الأولي” لينشر من خلالها قادة الفرق خططهم ثم يأتي من ورائهم 8000 مدير وموظف مبتكر من مختلف الدرجات الوظيفية في المؤسسة ويدلى كل منهم بدوله مقدما إفادته التلقائية وإضافته الإيجابية المفيدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *