الابتكار الحكومي هو عملية تكوين أفكار جديدة وتحويلها إلى قيمة مفيدة للمجتمع ويولي مفهوم الابتكار أهمية كبيرة لقدرة المنظمة على تكوين وانتقاء أفضل الأفكار وتنفيذها بفاعلية والتأكد من صلاحيتها لتحقيق القيمة. القيمة – تنفيذها – الفكرة. يقدم هذا التعريف اعتبارات مهمة ومتعددة لأصحاب المراكز القيادية الحكومية:
- لأن الأفكار العظيمة لا تنشأ من عدم ولأن الابتكار الحكومي لا علاقة له بالحظ. بل هو جهد واع وعمل جاد ومهنة في حد ذاتها.
- للقدرة على تنفيذ أفضل الأفكار أهمية محورية فلا مجال للابتكار ما لم تنجح المؤسسة في تنفيذ أفضل الأفكار. فلا بد للمؤسسة من تحويل الألغاز التي تستكشفها إلى علامات استرشادية من خلال فهمها للأسباب التي تجعل تتابعا معينا أو مجموعة معينة من الخطوات تحقق النتائج المرجوة وفي النهاية تتحرك المؤسسة عبر “نفق معرفي” بداية من المشكلة ومرورا بالعلامات الاسترشادية ووصولا إلى قواعد ونظم جديدة مع معرفة كيفية تحويلها إلى سياسة ما أو خدمة ما وتوصيلها بكفاءة للجمهور.
- لأنه من الضروري التأكيد على أهمية “القيمة” في الابتكار فالعديد من المؤسسات العامة ليست على دراية كافية بقيمة ما تقدمه من منفعة فعلية للمجتمع. فبمجرد تنفيذ القواعد المبرمجة لمنظومة الخدمات. لا تعرف بعض المؤسسات متى استدامة قيمة تلك القواعد من عدمها. فالفيصل هو أن تحقق القيمة المقدمة للمجتمع أربع “نتائج نهائية” هي الإنتاجية. وتجربة أفضل للمستخدم. والنتائج المتوخاة، والمساواة.
من أين يأتي الابتكار؟
تشير الكتابات التقليدية إلى محفزات الابتكار الآتية
- البحث والتطوير: تجري أعمال البحث والتطوير الحكومية في الجامعات والمعاهد الأكاديمية أو داخل مراكز بحثية ووحدات صممت خصيصا لهذا الغرض.
- التكنولوجيا الجديدة: تكنولوجيا المعلومات التي تربط بين جهود الحكومة واحتياجات المواطنين.
- متطلبات الكفاءة: تعتبر متطلبات الكفاءة محفزا مهما للابتكار. ففي “الدنمارك” تعتبر متطلبات الكفاءة قوة أساسية محفزة للجهود الابتكارية فقد استثمرت مصلحة الضرائب في الحلول الضريبية المتقدمة للحكومة الإلكترونية وأعادت تنظيمها لتصبح مراكز اتصال مركزية في محاولة للوفاء بمكاسب الكفاءة التي تبلغ حوالي 25% خلال سنوات معدودة.
- الابتكار اعتمادا على الموظفين: ينِشأ هذا المحفز الابتكاري حين تفعل المؤسسة الحكومية خبرات وأفكار موظفيها العاديين وتستفيد منها على كل مستوياتها.
- الابتكار اعتمادا على المواطنين: ينشأ هذا المحفز الابتكاري حين تشرك المؤسسات الحكومية المواطنين ومشروعات الأعمال والمستخدمين النهائيين بشكل منتظم في خلق حلول جديدة. وتعتمد تلك المنهجية على الجمع بين نظرات ثاقة ونوعية حول حياة الناس العاديين من ناحية وبين إشراك المواطنين في ورش العمل والاجتماعات ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها.
ما أنماط الابتكار؟
يتفق الجميع على أن الابتكار هو خلق شيء جديد ولكن غالبا ما يكون هناك قدر كبير من التشويش حول المقصود من كلمة جديد وهناك سؤالان مطروحان في هذا الصدد:
1- كيف نعرف الابتكار الجديد؟
يعتبر التفريق بين الابتكار التراكمي والجذري مفيدا هنا. فالابتكار التراكمي هو تحسين تدريجي للعمليات والمنتجات الموجودة بالفعل. أما الابتكار الجذري فيأتي بعمليات وخدمات جديدة تماما.
الابتكار التراكمي مقارنة بالابتكار الجذري
الابتكار التراكمي (نفعل ما نفعله بشكل أفضل) ابتكار جديد بالنسبة لنا الابتكار الجذري (ابتكار جديد بالنسبة للعالم)
علي مستوى النظام إصدارات جديدة من خدمات قائمة بالفعل (إصدار جديد من خدمة إصدار الهوية) أجيال جديدة من المنتجات (إصدارات ثقافية متخصصة في إتقان اللغة) الحكومة الإلكترونية الطاقة النووية على مستوى مكونات النظام تحسين مكونات المنتج والعمليات (كتحسين إدارة الموارد البشرية) المكونات والعمليات الجديدة في أنظمة متاحة (تطبيق الإدارة الرشيقة في المؤسسات العامة) شكل جديد تماما من التعاون بين المدارس، والشرطة، ومؤسسات المجتمع المدني.
2- ما الذي يجعل الابتكار جديدا؟
هناك أربعة أنماط من الابتكار تشكل مجتمعة المساحة الابتكارية. وتساعد على تقديم أسلوب مفيد للتفكير في الابتكار الحكومي:
- الابتكار على مستوى العمليات: ويركز على الحياة الداخلية للمؤسسة الحكومية تنظيم هياكل وعمليات وروتين العمل وإضافة قيمة إلى مخرجات المؤسسة.
- الابتكار على مستوى المنتجات: ويتعلق بالتغييرات فيما يقدم للأفراد والمؤسسات خارج الهيئة الحكومية ولأن المنتج هو المخرج النهائي لجهود المؤسسة ففي الحكومة قد يكون هذا المخرج هو إحدى الخدمات أو السياسات.
- الابتكار الوظيفي: والذي ينشأ عند وضع أحد المنتجات أو الخدمات في سياق جديد فيؤدي وظيفة جديدة ويكتسب أهمية جديدة لدى مستوى المستخدمين.
- ابتكار الإحلال والتبديل: ويتعلق بتغيير المؤسسة للنموذج الفكري الخاص بها تغييرا تاما. وهن تخضع المؤسسات الحكومية إلى عملية إحلال وتبديل فكرية مهمة فتنظر إلى نفسها كمؤسسات خدمية بحتة.
هذه الأنماط الابتكارية الأربعة بالإضافة إلى سلسة الابتكار التراكمي الجذري تشكل جميعا المساحة الابتكارية. والتي تمنحنا نموذجا محكما للتفكير في الكيفية التي نحكم بها على ابتكار ما بأنه جديد والكيفية التي تجعله جديدا. وتعتبر تلك المساحة الابتكارية أيضا أداة مناسبة للغاية لإمعان النظر في الممارسات الابتكارية الحالية.