أطلق مصطلح التدريب فيما مضى على تنمية المهارات في مجالات الألعاب الرياضية والتمرينات البدنية والبرامج التمهيدية لتأهيل الموظفين. إلا أن التغيير والتحسين المستمر قد طال مفهوم التدريب لتتعمق مدلولاته وتتسع مجالاته وتتعاظم تأثيراته. لقد انتقلت أدوار التدريب تدريجيا إلي الإدارة والقيادة والتنمية والريادة ليصبح منهجا دائما للإصلاح والتنمية والإفادة. يقوم التدريب علي مساعدة الآخرين من خلال التوجيه والتمكين. وتصحيح الأخطاء وإتاحة الفرص. وتغيير الاتجاهات وفتح آفاق جديدة. ولذا يعتبر التدريب للتمكين والتوجيه الشخصي المباشر أساسا لبناء القدرات وتوطيد العلاقات لدي من يرومون التميز في مختلف البيئات ويطمحون إلى تفعيل واستثمار أفضل الممارسات في عالم تحكمه المتغيرات.
التدريب بشكله الجديد هو التدريب الموجه لشخص معين موجه من القائد لكبار مساعديه ومن المدير لموظفيه وهو مفصل لاحتياجات المتدرب الذي نطلق عليه العميل مجازا. وهو يختلف جذريا عن التدريب التقليدي الذي يعتمد علي المدرب ويستخدم لسد ثغرات سلوكية وإدراكية وذهنية. ولهذا فإن المدرب التقليدي يواجه مجموعة غير متجانسة من المتدربين ومعه منهاج تدريب ممدد مسبقا. لينقله لهم ويطبقه عليهم. أما في التدريب الموجه فيأتي المدرب أو المدير ليوجه المتدرب – وهو مدير آخر أو زميل أو موظف – ويشاركه في تطوير المحتوى والمسار التدريبي أثناء عملية التدريب فيتركه يكتشف ويطور ويغير بنفسه.
مبادئ تفعيل وتشغيل التدريب
تتضمن عملية التدريب استبدالا أو تعديلا – لمفاهيم وسلوكيات “العميل”- الشخص موضع التدريب – ونظرية إلى ذاته و اتجاهاته نحو الآخر ونحو العالم. تلك النظرة التي يمكن تعقبها واقتفاء أثرها من خلال مبدأين هما:
أولا: اللغة
تكمن مهمة المدرب في ابتكار لغة يتفاعل من خلالها العميل مع العالم. فاللغة هي الإطار الذي يحكم سلوكنا ويعكس خبراتنا وعلاقتنا ويضفي قيمة ومعني على حياتنا. فهي “تجسيد” لواقعنا ومكنون صدورنا. تأمل مثلا كيف تتفاعل الأم مع أبنائها: فنجدها تلفتهم بإطلاق المسميات على الأشياء والأشخاص المقربين لتصوغ لهم مفردات لغتهم اليومية التي تساهم في توسيع عالمهم المحدود. من هذا المنطلق على المدرب أن يسأل نفسه: “ما الذي تعكسه – أو تواريه – لغة العميل؟” فاللغة المشتركة تيسر مهمة المدرب حين تقيم جسور التواصل – اللفظي وغير اللفظي – بينه وبين المتدرب.
ثانيا: الملاحظة
يهدف التدريب إلى تغيير الأنماط وتبديل السلوكيات ومن ثم يتمحور دور المدرب حول اكتشاف الوسيلة الأمثل والأكثر تأثيرا لتعديل السلوك بشكل يحقق النتائج المرجوة. علي الجانب الآخر ينعكس استيعابنا لبعض المواقف على توجهاتنا وسلوكنا في تلك اللحظة. فحينما ندخل مطعما تنبثق مجموعة من التصرفات التلقائية التي تلائم الموقف كالبحث عن طاولة شاغرة أو تفقد قائمة الطعام. من هنا يسهل على المدرب تغيير الأنماط التي يفسر من خلالها العميل العالم من حوله عن طريق إضافة بعض المدخلات والممارسات الجديدة إلي ذهن العميل فيري العالم بمنظور مختلف. أي أن التغيير يحدث حين يصبح بمقدور العميل ملاحظة بعض الأشياء من حوله لم يكن في مقدوره ملاحظتها من قبل.