ما سر الثقة بالنفس؟
“املأ قلبك بالرحمة والحنان تجاه الآخرين، حينها تصبح هادئًا، وتتخلص من مخاوفك وشعورك بالقلق، وتنال القوة لتتغلَّب على التحدِّيات التي تواجهك. الرحمة مصدر السعادة المطلقة في الحياة!” دلاي لاما
هل تريد أن تكون واثقًا من نفسك طوال حياتك؟!
أولاً، انسَ كل ما تعرفه عن الثقة بالنفس، وأنصت إلى وجهة نظري.. أرى أن الثقة بالنفس أمر طبيعي وتلقائي، يحدث حين تُنجِز شيئًا بمهارة. أما النصائح المعتادة عن الثقة بالنفس، فهي غير فعّالة، ومؤقتة في أفضل الأحوال، بل قد تكون شديدة الضرر على المدى البعيد. إن أفضل وسيلة لتقوية ثقتك بنفسك قد تكون سهلة لدرجة تُثير دهشتك.
أما النصائح المعتادة عن تقوية الثقة بالنفس، فليست إلا هراءً محضا، وذلك من قبيل “قل لنفسك إنك شخص جيد. اكتب قائمة بالصفات الرائعة في شخصيتك. اعتدل في جلستك، واتخذ وضعية السوبرمان”؛ إلى آخر ذلك الكلام الذي لا يُغنِي ولا يُسمِن من جوع. والسؤال الآن: إلى متى يستمر أثر هذه النصائح؟! إن كنت قد جرَّبت ذلك، فأظنك تعرف الإجابة.
ولماذا لا يدوم أثر تلك النصائح إلى الأبد؟!
أتدرى لماذا يا صديقي؟! لأن تلك النصائح تُعالِج العَرَض الظاهر، ولا تقضي على المرض من جذوره؛ كمَن يشعر بعقدة نقص لديه، فيشغل نفسه بعقدة التفوق، وما هما إلا وجهان لعملة واحدة؛ فعقدة التفوق شكل آخر لعقدة النقص!
أقول لك ذلك؛ لأن مَن يسعى ليكون أفضل من الجميع إنما يشعر في داخله بالنقص، وما حاجته للتميز أكثر من الآخرين إلا عن خوف وضعف، لا عن قوة.
إذًا الغطرسة، والإفراط في النقد، وعُقدة التفوق أقنعة تُخفِي الخوف، وانعدام الشعور بالأمان وعقدة النقص.
وهذا يعني أن طريقة السوبرمان ما هي إلا هراء، وتقوم على فهم خاطئ تمامًا لحقيقة الثقة بالنفس. ليس عليك أن تقضي على ضعف ثقتك بنفسك، بل دَعْهُ يختفي كأنه لم يوجد من قبلُ.
هل تعرف كيف تفعل ذلك؟!
دعني أسألك سؤالاً: ما الذي تظن أنه مقابل للخوف وانعدام الشعور بالأمان وعقدة النقص؟!
المقابل هو “الرحمة”، نعم هو كذلك، فلا تندهش! إذا استطعت أن تملأ روحك بالرحمة تجاه الجميع. فهل تخاف حينها؟! هل تشعر بنقص إذا كان قلبك مطمئنًّا؟!
لا أعتقد أن الرحمة والخوف يجتمعان في قلب رجل واحد. يقول الدلاي لاما: “أعامل كل مَن أقابله كأنه صديق قديم؛ فهذا يمنحني شعورًا صادقًا بالسعادة!”
باهتمامك الصادق بالآخرين، ستقوى ثقتك بنفسك؛ فإنك ستهتم بهم دون أن تفكر فيما إذا كنت واثقًا بنفسك أم لا. ولا تنسَ ما قلتُه في بداية المقال: “الثقة بالنفس أمر طبيعي وتلقائي”.
الرحمة نقيض الكره والغضب، فإن وُجِدت، وُجِد الأمان والثقة، واختفى الشعور بالخوف وانعدام الأمان. هكذا دون أن تصارع مخاوفك؛ فتلك المخاوف لا توجد في روح ودودة وهادئة.
لا تتردَّد؛ فالأمر أشبه بالسعادة! كلما طاردتها، هربت منك؛ فالسعادة تأتي وأنت مشغول بأمور أخرى.
إذًا، النصائح المعتادة لتطوير الثقة بالنفس ليست إلا نصائح من أشخاص لا يرون إلا أنفسهم. ولذلك أرى أن نصائح كهذه لا تجلب إلا تغييرًا مؤقتًا على أفضل حال، بل قد تكون نتائجها عكسية.
تذكَّر جيدًا أن الرحمة كلَّما كانت الدافع لأفعالك، كنت أكثر ثقة بنفسك وحُرًّا أكثر. وليس عليك أن تكون سوبرمان. فقط، تحتاج إلى قلب رحيم، وسيكون الأمر سهلًا للغاية.