في عالم الأعمال اليوم أصبحت الثقة من أندر وأثمن السلع على الإطلاق، وأصبحت عملية بناء الثقة مع الشركات المختلفة عملية تحتاج الوقت والجهد والتحضير والعمل المستمر، ان الشركات الجديدة يجب ان تبذل جهودا كبيرة في بناء الثقة مع العملاء الجدد وبناء علاقات طويلة الأمد وغير مبنية فقط على صفقة او صفقتين، وهذا ما يسمى حاليا Relationship selling لقد أصبحت بيئة الأعمال مثل الغابة الكل يريد ان يأكل طعام الآخر والكل جياع والطمع والجشع في السوق كبيرين واحتياجات الزبائن أصبحت لدى كثير من الشركات الرديئة أولوية متأخرة. وأصبحت الاحتياجات والرغبات الأساسية لأصحاب الشركات تأتي بالمقدمة على حساب مصالح العملاء.
لقد أصبح رجال الأعمال يبحثون عن بناء الثقة لتقليل التكاليف وزيادة الأرباح وإذا كنت تبيع ذهبا او سلعة نادرة او خدمة مميزة فإنك لا تستطيع تقديمها بدون بناء ثقة طويلة الأمد.
هذه البيئة ليست بيئة محلية او إقليمية بل عالمية ، حتى ان الثقة بين الدول أصبحت موضع الشك وأصبحت السياسات الدولية والمنظومة العالمية مليئة بالشك وفقدان الثقة بالمجتمع الدولي أصبح سمة في عالم الأعمال والسياسة والتجارة الدولية.
لا يستطيع الإنسان ان يستمر بعمله بصحة جيدة وببال مطمئن بدون الثقة الحكيمة وعندما اقول الثقة الحكيمة يعني ذلك ان عليك ان تقوم باختبار نوايا للطرف الآخر تتعرف عليه على مدى قيمة الكلمة والالتزام والأخلاق واحترام الثقة لطرف الآخر.
وعقلية رجال الأعمال المتأثرين بالغرب هي عقلية المحارب الذي يحارب الجميع في سبيل حماية مصالحه ، كما ان هذه العقلية تعتمد على الأساليب المبادرة والعدوانية في سبيل الحفاظ على الحصة السوقية ، وهناك رجال أعمال يدرسون آليات وأساليب الحروب وتطبيقها على عالم الأعمال.
هذه حقيقة وواقع في مجتمع الأعمال العالمي الذي يسوده العقل التجاري الأمريكي !
والعقل التجاري الأمريكي يسوده فكر القوي الذي يريد ان يفرض شروطه كالشخص الأقوى في السوق!
حتى ان الاتفاقيات الدولية او المحلية أصبح ليس لها قيمة قانونية كبيرة بسبب البيروقراطية والطبقية في تفعيل القوانين المحلية والعالمية ، فالتاجر الصغير لا يستطيع دفع اتعاب المحاماة في قضية محلية او دولية والبيروقراطية القضائية ومتاهاتها تجعل الحقوق تضيع بين الأطراف المتخاصمة!
ولذلك عليك كرجل مبيعات او رجل أعمال ناجح ان تعتمد على بناء اتفاقية فيها منفعة مشتركة لا يمكن ان تتم بدون اكتمال الطرفين وعليك عدم الدخول في مشاريع مشتركة تتشعب فيها المسؤوليات وتتشعب فيها التكاليف والأدوار . وينصح بان تكون شخصا مبادرا بان تبادر بطرح القيمة والفائدة للعميل قبل ان يقوم هو بها ، لأنك بتقديم القيمة والمنفعة قبل التعاقد فانك تخفف من ضغوط التفاوض على الاتفاقية وتبني جسور ثقة سريعة. كما عليك دائما إيجاد الخطط البديلة عندما يصعب بناء الثقة.
ان هذا الموضوع يعيد عالم الأخلاق وعالم الدين إلى السلع الأكثر قيمة التي يبحث عنها كل رجل أعمال يريد ان يصنع اسما تجاريا مرموقا. وعندما نتحدث عن الأسماء التجارية المرموقة فنحن نتحدث عن المصداقية، والسمعة والثقة والمهنية. فأنت تثق بشركة مرسيدس أكثر من ثقتك بشركة صناعة سيارات صينية! والثقة والمصداقية لديها قيمة عالية لا تقدر بثمن بل هي أثمن من ومجهوداتك الحقيقية
لقد كانت أول تجارب الأعمال لدي قائمة على العقلية المحاربة واستطعت أن أدرك ان دور الإنسان في هذه الحياة هو صغير جدا وان العقلية الحربية مليئة بالمغالطات وأننا نحن يجب أن لا نتصرف كالوحوش في بيئة الأعمال، وعلينا ان نتحلى بالحكمة والتفكير العميق في سبيل معرفة كيفية بناء ثقة لا تنضب. ان طروحك التجارية وعروض الأسعار والخدمات المقدمة كلها يجب ان تصنع الثقة لدى الطرف الآخر ولا تشعره بأنه مستهدف ، فعليك تقديم أفضل النماذج التجارية المغرية التي تستطيع ان تثبت فيها للطرف الآخر القدرة على التنفيذ والالتزام في تقديم المنفعة والقيمة. وفي اعتقادي ان أي رجل أعمال ناجح يشتري من الطرف الآخر “الالتزام والإرادة ” وأنك إذا كنت تبحث عن شراء الإرادة فإنك تصنع بيئة أعمال ذات دافعية تلقائية ، عليك ان لا تشتري الأقل أجرا بل عليك ان تبحث عن الإرادة القوية والأمينة وتكافئها.
لقد كانت افضل الكلمات التي تشرح بال التاجر المطمئن هو دعاء الخروج من المنزل ” توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ” وهذا القول يصف طبيعة الارادة السليمة ، التي يبدأ رجل المبيعات بها فهو يطرح أفكاره وعقوده واتفاقياته بالنية السليمة ويتوكل على الله ويقر أنه لا قوة للإنسان او لرجل الأعمال بدون الله وان ذكائه مهما بلغ لن يسعفه إذا لم يباركه الله له.
انه إدراك القدرة على العمل وإدراك أن مفاتيح المبادرة والتغيير بيديك وأن الله هو من يكفل حمايتك وهذا إقرار بقوة الله التي تتحكم بكل الظروف لغاية وحكمة يريدها الله لك.