هل تؤمن بالأبراج ودراسة بعض النجوم التي تتنبأ بحياتك كلها؟ إن كنت من برج العذراء، فهل الملايين من البشر في كل أنحاء العالم من برج العذراء مثلي؟ ونتشارك نفس المصير؟ يبدو الأمر غريبا بعض الشيء ! أعني إن كانت الأبراج تقول أني سأتعرض إلى حادث اليوم، فهل هذا الخبر صحيح؟ وإن كان كذلك فهذا يعني أن الملايين من نفس برجي سوف يتعرضون لحادث أيضا ! وستكون كارثة بكل المقاييس، أكثر من أي زلزال مدمر أو من أي تسونامي. هل تؤمن حقا أن لحركة الكواكب والنجوم والأقمار علاقة بشخصيتك وحياتك؟ إن كانت الإجابة نعم فأنت تضيع وقتك الثمين وطاقتك الذهنية على ذلك.

المنجمون يجعلونك تصدق ما تريد ان تصدقه

المنجمون يجعلونك تصدق ما تريد ان تصدقه

هناك علاقة بين ما يفعله المنجمون وبين علم النفس، فهم أشخاص أذكياء ولهم معرفة بعلم النفس ويستعملون ذلك للتأثير على الناس، وعادة ما تكون تنبأتهم عامة وغير محددة، فتراه مثلا يقول لك “لقد مررت بأوقات صعبة في حياتك ولديك قوة كبيرة بحيث استطعت تجاوزها” وترى الناس تصدقهم وتندهش مما يقولون لماذا؟ السر في ذلك هو في نصف الجملة الأخير “لديك قوة كبيرة …” فهذا الإطراء أو لنقل ما يبحث عنه الشخص الذي زار المنجم،  هو ما جعله يصدق الجزء الأول الذي في حقيقة الأمر ليس تنبأ، فمن لم يمر بأوقات صعبة في حياته؟

ولكن الشخص الواقف أمام المنجم يكون في حالة ضعف ويبحث عن من يرفع معنوياته، وهذا ما يدركه جيدا المنجم ولذلك أعطاه ما يريد وبالتالي حاز على ثقة الشخص… ثم ترى المنجم يواصل قائلا: “وهذه القوة التي تمتلك هي ما ستجعلك شخصا ناجحا وستحقق كل ما تصبو إليه إن عملت بجد”، ومجددا تراه يتلاعب بمشاعر الشخص، فقد ربط تنبأته بشرط أن يعمل جاهدا، وبذلك رفع عن نفسه المسؤولية، فإن حقق الشخص كل أحلامه فالفضل سيرجع للمنجم وإن فشل فالفضل دائما راجع للمنجم، لأنه قال له “إن عملت بجد” وهو لم يعمل بجد وبذلك صدق المنجم في تنبأته… الأمر واضح فهو مجرد تلاعب بالمشاعر.

تنبأت المنجمين ليست مبنية على أسس متينة

تنبأت المنجمين ليست مبنية على أسس متينة

وفقا للمنجمين فإن التغير في حركة الكواكب سيجعل تصرفاتك أو قدرك يتغير، ولكن ما هي الكواكب التي يقصدونها؟ وفقا لهم دائما فهو بعض كواكب المجموعة الشمسية مثل عطارد والزهرة والمريخ …الخ والسؤال المطروح هنا: وماذا عن باقي كواكب الكون؟ هناك مليارات ومليارات من الكواكب فلماذا لا تأثر على شخصيتنا؟ ثم نضيف شيئا آخر، عدد الكواكب التي تشير إلى المستقبل محدود لنقل عشرة على سبيل المثال، وعدد البشر مليارات إذن هناك عشرة شخصيات في العالم لا غير، وعشر حوادث أو أحداث ستحدث لا غير، والواقع يثبت عكس ذلك….

المنجمون يناقض بعضهم بعض

إن كنت من الذين لا يخرجون من بيوتهم في الصباح من دون قراءة طالعهم في الأبراج، أو كنت ممن يصدق المنجمين، فنصيحتي لك أن تقرأ الأبراج في عدة مواقع أو أن تسأل أكثر من منجم. إن قرأت الأبراج في عدة مواقع أو عدة جرائد فسوف تجد تضاربا فيما يخبرون عن المستقبل، فكل يرسم لك مستقبلا مغايرا، فمن ستصدق؟ نصيحتي ألا تصدق أي منهم….

الأبراج غالبا ما يتنبؤون بالأشياء السارة فقط

وهذا يشبه ما ذكرناه في النقطة الأولى، يسمعوننا ما نريد أن نسمع، وهذا سر رواج الأبراج، فكلما قرأت الأبراج خيل لي أن العالم خال من المشاكل والفرص تقفز إلى الناس من دون عناء، ألم تلاحظ ذلك؟ “ستلتقي قريبا بشخص لطالما انتظرت” أو “ستحصل على العمل الذي طالما حلمت به” أو “الثروة والنجاح في انتظارك” …الخ، ولكن أين المشاكل التي نعاني منها في حياتنا؟ لماذا لا تذكر إلا تلميحا مثل “بعض المشاكل” ثم يضيفون “ستتغلب عليها بالتأكيد”، لماذا هناك كوارث ومشردون وحوادث مميتة وأيتام وأشخاص فقدوا عملهم ؟

لماذا لا يصبح المنجمون ملوكا للعالم؟

وهذا سؤال يطرح نفسه بشدة، إن كان المنجمون كما يقولون يعلمون ما سيحدث لماذا إذن لا ننصبهم ملوكا ويتكفلون بكل شيء حيث أنهم يعلمون متى ستحدث الكوارث فيخبروننا لنأخذ احتياطاتنا، ويعلمون من منا يصلح لأي عمل، فيضعوننا فالأماكن التي نصلح لها حقا وبهذا ينموا الاقتصاد وتتطور البلاد، ثم يقضون على الجريمة والفساد، فمن يجرؤ على السرقة أو القتل وهو يعلم أن هناك من سيكشف الأمر بل ويعلم حتى قبل أن يحدث. أو على الأقل يقربهم الرؤساء منهم حتى يكونوا مستشارين وامناء، الحقيقة الأمر يدعو إلى السخرية كتنبأت هؤلاء المنجمين…

المنجمون يبحثون عن المال فحسب

وهذا هو بالتحديد ما يبحثون عنه، فالمنجم الذي تذهب عنده لن يخبرك بمستقبلك ويرشدك إلى الخير والثروة من دون مقابل، فأنت ستدفع له وبسخاء، والأبراج تزيد من نسبة شراء الناس للجرائد والمجلات وهكذا، فالأمر لا يعدوا احتيالا وكذبا وسرقة ولكن بموافقة الأشخاص ورضاهم بل وفرحهم بذلك.

الخلاصة

لا يعلم الغيب إلا الله، ولا علاقة للكواكب والنجوم بتصرفات البشر، قد تكون لها علاقة بالمد والجزر ولكن بالتأكيد لا دخل لها في تحديد تصرفاتك والتنبؤ بمستقبلك. إن أردت أن تتنبأ بمستقبلك فلا حاجة لك بقراءة الأبراج، فتصرفاتك وعاداتك اليوم تحدد من ستكون في المستقبل، فإن كنت لا تبذل جهدا في تطوير نفسك وتحقيق أهدافك وأحلامك فلا تتوقع أن يكون غدك أفضل من يومك، وإن كنت تعمل بجد وتسعى دوما لتطور نفسك وتزيد في مهاراتك فأنا الآن أتنبأ لك بمستقبل رائع وتحقيق جميع أحلامك وطموحاتك (بالمناسبة لم تخبرني الكواكب بذلك).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *