هل تمنيت يوما أن تكون أكثر إبداعا ولو قليلا؟! هل كان حلم طفولتك أن تخترع أداة تغيّر حياة الناس، أو تمنيت فقط أن تسلم مقالاً واحدًا مبتكرًا؟!

إن كنتَ لا تشعر أنك مبدع، فثمة طرق كثيرة تمكنك من أن تصير مبدعا.

المشي في حديقة أو على المشاية الكهربائية، مثلاً، يزيد إبداعك بنسبة 60%. ويمكن أيضًا لقيلولة سريعة أن تكون مفيدة؛ حيث تشير إحدى الدراسات إلى أن قيلولة الطاقة تُحفِّز نشاط الجانب الأيمن من العقل، وهو الجانب المُتعلِّق بالإبداع.

لا شك أن أغلب الناس اعتادوا هذه الأشياء، لكن إليك خمسة أشياء غريبة تساعدك على الإبداع.

الشعور بالجدارة

يسعي الجديرون إلى ما يرغبون فيه، في الوقت الذي يرغبونه فيه، ولا يأبهون بمخالفة بعض القواعد للحصول عليه.

يُشير بحثٌ جديدٌ قام به علماءُ نَفْس من جامعة كورنل وفاندربيلت إلى أن جرعات صغيرة من الإحساس بالجدارة تُحفِّز مهارات الناس لحَلِّ المشاكل بإبداع.

وفي الدراسة، حُفِّز المشاركون بالشعور بالجدارة، تحفيزًا كثيرًا أو قليلاً، بجعلهم يكتبون ثلاثة أسباب لما يستحقونه أكثر من الآخرين، ولماذا من حقهم أن يطلبوا أفضل ما في الحياة؛ أو ثلاثة أسباب لما لا يستحقونه أكثر مما لدى الآخرين.

ثم طُلِب منهم القيام بمهام إبداعية، مثل: استخدام دبوس الورق في أشياء جديدة، أو وضع رسم تخيلي لحضارة فضائية. وبالطبع، أنتج المشاركون الذين لديهم شعور أكبر بالجدارة أفكارًا أكثر إثارةً وإبداعًا.

الخلاصة أن الناس يميلون لأن يفكروا ويتصرفوا بشكلٍ مختلفٍ عن الآخرين حين يشعرون بالجدارة، أو، بمعنى أصح، يُفكِّرون خارج الصندوق بشكل أفضل.

حتى إن كنت لا تريد أن تكون أحمق يشعر بالجدارة في سبيل الإبداع، فإنها تجربة يَسهُل تذكرها في الأوقات التي تحتاج فيها إلى التفكير بشكل مبتكر.

الفوضى

ذات مرة، طرح ألبرت أينشتاين هذا السؤال: إذا كان المكتب الفوضوي علامةً على العقل الفوضوي، فعَلَامَ يدل المكتب الفارغ؟!

يشير هذا السؤال بالتأكيد إلى شيء ما، أوضحته الدراسة التي أجرتها عالمة النفس كاثلين فوهز من جامعة مينيسوتا، وهو أن البيئة المُرتَّبة تساعد في ترسيخ السلوكيات الجيدة مثل الأكل الصحي والكرم؛ بينما البيئات الفوضوية تُشجِّع على إنتاج الأفكار الجديدة والإبداع.

في إحدى التجارب، وُضِع بعضُ المشاركين في بيئة مرتَّبة، ووُضِع الآخرون في بيئة فوضوية، وطلب منهم أن يبتكروا استخدامات جديدة لكرات تنس الطاولة.

ابتكر كلا الفريقين عددًا متساويًا من الأفكار، لكن الحُكَّام -غير المنحازين- اختاروا أفكار الغرفة الفوضوية لتكون أفكارًا أكثر إثارةً وإبداعًا.

لذا، إذا أردتَ أن تُفكِّر بإبداع مرة أُخرى، فلا تُرتِّب ما حولك!

الملل

لا أحد يحب الملل، بل نفعل أي شيء يدفع الملل عنَّا؛ لكن في الوقت الذي نشغل فيه أنفسنا بأنشطة تدفع الملل، نُضيِّع أفكارًا أكثر إبداعًا دون أن ندري!

في إحدى الدراسات التي أجرتها د. ساندي مان، أستاذة علم النفس في جامعة لانكاشير، طلب من المشاركين إظهار إبداعهم عن طريق ابتكار استخدامات جديدة لأكواب البوليسيترين؛ لكن قبل ذلك طُلِب من البعض نقل عدد من الأرقام من دليل الهاتف دون طرح أسئلة.

ومثلما نتوقع، بدأ المشاركون بالمهمة المملَة بابتكار أفكار أكثر أصالةً.

وفي تجربة أخرى، طَلَب الباحثون من مجموعة مختلفة من المشاركين قراءة الأرقام فقط. كانت النتيجة أن هذا الفريق أتى بأفكار أكثر إبداعيةً من الفريق الذي تولَّى نقل الأرقام وكتابتها.

إذًا، ما الخلاصة؟

لا تَخَفْ من الضجر والملل، ولكن لتتخلص منه اختر نشاطا سلبيا ومملا لا يتطلب الكثير من الطاقة الذهنية، ويمكن الاستغراق في بعض أحلام اليقظة في أثنائه.

الإجهاد

رغم أن الإبداع هو آخر ما يخطر ببالك بعد يوم مُجهِد، فإن إحدى الدراسات تشير إلى أننا نكون أكثر إبداعًا في حالة الإجهاد؛ سواء كُنَّا نترنَّح في الصباح أو مُنهَكين في المساء.

في إحدى الدراسات، أخضع ميركل ويث، أستاذ علم النَّفْس بجامعة البيون، مجموعتين من الطلبة: إحداهما تُفضِّل السهر، والأخرى تحب الاستيقاظ مبكرًا؛ لسلسلة من الاختبارات في الثامنة والنصف صباحًا عندما يشعر مُحِبُّو السهر بالتَّرنُّح، وفي الرابعة مساءً عندما يشعر مُحِبُّو الاستيقاظ باكرًا بانخفاض مستوى طاقتهم.

في تحليل النتائج، لم يشكل وقت إجراء الاختبار في اليوم أي فارق في النتيجة. لكن في الأمور التي تطلبت بعض الإبداع لحلها، حقق جميع المشاركين درجات أفضل في الأوقات التي شعروا فيها بالإجهاد!

لماذا؟! من الواضح أن الشعور بالتعب لا يضعف فاعلية العقل في حجب المشوشات، وتكون الروابط بين الأفكار والمفاهيم أكثر ضعفا وقابليةً للنسيان.

ورغم أن ذلك يبدو سيئًا، فإن الإبداع في الحقيقة بناء روابط جديدة، وتقبُّل طرق جديدة في التفكير؛ لذا يعد الإجهاد أداة ممتازة للتفكير الإبداعي.

الضجيج

دائمًا ما نبحث عن مكان هادئ بلا إزعاج عندما نريد إنجاز بعض الأعمال. صحيحٌ أن الهدوء يعزز التركيز في المهام التي تتضمن تفاصيل كثيرة، لكن عند الحديث عن الإبداع، قد يكون القليل من الضجيج أمرًا إيجابيًّا!

قسَّمتْ دراسة، أجراها باحثون من جامعة إلينوي، المشاركين إلى أربع مجموعات، أدت كل واحدة منها سلسلة من الاختبارات المُصمَّمة لقياس الإبداع في أثناء تعرُّضها لمستويات مختلفة من الضوضاء؛ 50 ديسبل، أو 70 ديسبل، أو 85 ديسبل، أو الهدوء التام.

حقَّق المشاركون الذين أدَّوْا الاختبارات في بيئة متوسطة الضجيج (70 ديسبل) نتائج أفضل بكثير من المجموعات الأخرى.

ومثل الإجهاد، فإن المستوى المناسب من الضجيج يصنع بعضَ التشويش، مما يساعد على تجاوُز أنماط تفكيرك الطبيعية، ويبني روابط جديدة.

لذا، قد يكون تشغيل موسيقى صاخبة في جلسة عصف ذهني أمرًا غير مرغوب فيه؛ لكن مستوى متوسطًا من الضجيج -كالهَمْهَمَة في مقهى مُزدحِم- قد يكون الحل الذي تحتاج إليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *