نحن نعيش في عالم تتوفر به أشياء عديدة بشكل فوري وأنا أدرك أن الكثير من الناس يبدو أنهم يرغبون في النجاح في العمل وفي الحياة المهنية اليوم ويفشلون في إدراك أن العديد من جوانب نجاح العمل تستغرق وقتا. كيف تزعم أنك تؤدي عملك جيدا في حين أنك ربما لم يتوفر لديك الوقت الكافي کي تتعلم كيفية أدائه بشكل جيد؟ يستغرق ذلك في بعض المهن أسابيع؛ وفي البعض الآخر قد يستغرق سنوات.
يتعلق الصبر بتعلم قبول حاجتك لمنح نفسك وقتا لتحسن أداء ما تم توظيفك للقيام به. أتحداك أن تتحلى بالصبر وألا تتوقع التقدير والنجاح بين عشية وضحاها، وأن تتيح لعملك الوقت كي يتم تقديره. لا يجب أن نسمح للتوتر أو الضغط أو القلق أن يجعلنا نافذي الصبر للغاية.
ليس من السهل أبدا أن نعرف متى نستمر في شيء ومتى نغيره أو نتخلى عنه. لكن كقاعدة عامة، إذا راودك الشك، ثابر واستمر في ذلك العمل أو المهمة مدة أطول قليلا بينما تستكشف خياراتك.
لا تصبح شخصا يندم على تركه للوظيفة أو الاستقالة من الشركة، والذي يدرك بعد فوات الأوان أنه كان يجب عليه البقاء المدة أطول وتحمل الوضع. احذر أن تؤمن بأن الوضع دائما ما يكون أفضل في مكان آخر وأن تسمح لنفسك بالقفز بين الوظائف.
تعلم الانتظار
يمكن تعلم الصبر وأنا أدرك أننا نطور مستويات مختلفة من الصبر عندما نكون أطفالا. بعد ذلك، مع دخولنا دنيا العمل، نتعود على أن نصبغ إما أكثر أو أقل صبرا من الآخرين. وأنا أعلم أيضا أن نفاد صبرنا مع الآخرين هو أمارة على نفاد صبرنا مع جوانب مختلفة من أنفسنا.
كم مرة أصبحت نافد الصبر سواء مع نفسك أو مع زملائك؟ راقب نفسك لمدة یوم ولاحظ ما تفكر فيه وما تفعله على حد سواء.
استكشف متى قد تتصرف بعجالة وعدم صبر واطلب أيضا من زميل أو أكثر من زملائك إبداء رأيهم. تدرب على أن تكون أكثر صبرا في المواقف التي تدرك بها أن السماح بمزيد من الوقت لشيء ما أو شخص ما قد يكون أمرا إيجابيا.
على سبيل المثال، لقد كان هنالك قائد كان يقرأ ويرد على جميع رسائله الإلكترونية بسرعة فائقة. كان ينتج عن ذلك غالبا مضايقة زملائه، وخاصة عندما كانت ردود القائد غير ملائمة، على سبيل المثال ردودا سلبية أو فظة دون الحاجة إلى ذلك. عرفت أيضا أن هذا القائد كان نافد الصبر تجاه نفسه بالقدر نفسه. واستشاره احد الخبراء وقام بتشجيعه على قراءة الرسائل الإلكترونية بمزيد من التروي، وإن كان سيرد على إحداها، فعليه أن يقرأ الرسالة مرتين، ويتأكد من نزوله بالصفحة إلى الأسفل من أجل قراءة كامل الرسالة الإلكترونية، وحينها فقط يقوم بالرد.
ابحث عن نشاط قد تشعر بنفاد الصبر تجاه فعله أو شخص قد تشعر بنفاد الصبر تجاه التعامل معه وتدرب على التريث وعدم التعجل. القيام بذلك بصورة متكررة سيساعدك على تطوير هذه العادة.
تدرب على أن تكون مثابرا
نتخلى جميعا عن أشياء وأشخاص، ويقوم بعضنا بذلك بصورة أسرع وأكثر تكرارا من الآخرين. كثيرا ما يتصل بي مندوبي مبيعات لبيع منتجاتهم وخدماتهم. عقب إخبارهم بأنني غير مهتم، ينهي بعضهم الاتصال ببساطة، ويستمر بعضهم في الدردشة ويعاود بعضهم الاتصال بي لاحقا، في محاولة مستمرة منهم لإثارة اهتمامي.
اعتدت تدريب الناس على مهارات البحث عن الوظائف وأصعب مهارة يمكن تعليمها للكثيرين هي تعلم المثابرة وعدم الاستسلام في مواجهة العديد من أصحاب العمل المحتملين الذين إما يرفضون أو ببساطة يتجاهلون طلبات الباحثين عن الوظائف، ورسائلهم الإلكترونية ومكالماتهم الهاتفية.
إذا كان أحد الأشياء مهما بالنسبة لك، إذن عليك المثابرة للحصول عليه. كما في الاستراتيجية المذكورة أعلاه، فكر في السمات الأساسية لوظيفتك واسأل نفسك، “متى أستسلم بسهولة بالغة؟”، وحدد المهام التي ستثابر عن عمد بشأنها أكثر مما كنت ستفعل في الماضي. قد تتعلق المهمة بالبحث عن مهندس ممتاز لتوظيفه، أو محاولة لقاء عميل محتمل أو حل مشكلة عويصة تتعلق بالعمل.
مقال ذات صلة: كيف تنمي الصبر والمثابرة
علم زميلاً الصبر والمثابرة
من الأسهل العمل بمزيد من الصبر والمثابرة إذا أراد من تعمل معهم أيضا فعل نفس الشيء.
ضمن فريقك أو إدارتك، من الشخص الذي قد تشجعه على التصرف والعمل بصبر ومثابرة أكثر قليلا من يظهر لك تسرعه الزائد أو استسلامه بسهولة بالغة؟ كيف يمكنك تشجيع هذا الشخص كي يرى قيمة أن يكون أكثر صبرا أو مثابرة بعض الشيء؟ هم قد لا يودون تلقي المحاضرات بشأن ذلك (في النهاية، من يود هذا؟) لكنك تستطيع تقديم بعض المقترحات المفيدة مثل:
- “أستطيع أن أرى أنك بدأت تشعر بالضيق بعض الشيء من الإدارة الأخرى بسبب بطئها في تزويدك بالمعلومات. ربما تحتاج للذهاب إلى هناك لرؤية كيفية مساعدتهم على إتمام العمل؟”.
- أدرك أنك تشعر برغبة في التخلي عن هذا الموظف ذي الأداء الضعيف، لكن كيف يمكنك منحه فرصة أخرى؟.
أحيانا يكفي فقط القليل من الكلمات الصغيرة التشجيعية أو المقترحات البسيطة لإقناع الشخص بأن يكون صبورا أو مثابرا أكثر قليلا مما كانوا من الممكن أن يفعلوا خلافاً لذلك.
نحن نعيش في عالم مادي من الإشباع الفوري وحيث يتحتم إنجاز الأمور الآن ولم يعد هناك حاجة لأن ننتظر طويلا. وكي نضمن النجاح في عملنا، نحتاج إلى إجبار أنفسنا على التصرف بطريقة أكثر صبرا ومثابرة مما قد نختار أن نبديه بشكل طبيعي.
غالبا ما يسال خريجي جامعات الشغل وظائف شاغرة وأندهش لعدد مرات سؤالهم عن أسرع وقت يمكنهم فيه أن يصبحوا مدراء أو يمتلكوا سيارة تابعة للشركة أو يقوموا بأول رحلة عمل خارج البلاد. الطموح هو أمر جدير بالإعجاب، لكن مثل هذه الأسئلة تشير أيضا إلى احتمال افتقار هؤلاء الشباب للمستويات المثالية من الصبر والمثابرة التي قد تساعدهم على النجاح في مكان العمل.
لا يهم إلى أي مدى أنت منشغل أو مدى إلحاح مهام عملك العديدة، تذكر أنه ستكون هناك أوقات تحتاج حينها إلى التريث والتحلي بالصبر.
هنا كطريقة أخرى للنظر لهذا الأمر، ألا وهي أن تصبح واعيا متي قد تتصرف بنفاد صبر بالغ مع نفسك أو مع الآخرين. عندما تحين اللحظة المثالية لتكون صبورا، ستكتشف أنك تحتاج أيضا أن تصبح مثابرا وألا تصاب بالضيق إذا لم تستطع إتمام المهمة بسهولة أو سرعة.
يتحلى الأشخاص ذوو الشخصية الأكثر هدوءا بالصبر والمثابرة بصورة طبيعية أكثر، أما بالنسبة للأشخاص الذين دائما ما يرغبون في النشاط وإنجاز الأمور، قد يحتاج الأمر إلى بذل المزيد من الجهد من أجل التحلي بهذه العادات من الممكن أن يكون الأمر أكثر صعوبة أيضا في حالة محاولة تشجيعك الزملاء على إظهار المزيد من الصبر والمثابرة في أعمالهم الخاصة.
إقرأ ايضا
مفهوم النجاح الوظيفي ومجالاته مهارات النجاح في العمل