لا يستطيع أحد التفوق في العمل إذا كان وقته الذي يقضيه في مكان العمل يصيبه بمستويات منتظمة أو مستمرة من التوتر. قد يقول البعض إن هذا ثمن يجب دفعه مقابل النجاح، لكنني أجيبهم بأنه إذا أصبح التوتر جزءا من مكونات “النجاح”، فهذا تعريف خاطئ.
من النادر أن أقابل شخصا لا يصيبه التوتر أو القلق أبدا عندما يكون في العمل. ألاحظ زيادة مستمرة لمستويات التوتر والقلق في جميع المؤسسات التي أعمل معها. يقوم الكثير من أصحاب العمل اليوم بتنظيم فاعلية العمل والاستغناء عن الموظفين، متوقعين مستويات أعلى من الإنتاجية، ومطالبين الأشخاص بالقيام بمهام متعددة وحضور اجتماعات وفي نفس الوقت إتمام كل مهامهم الأخرى.
يؤثر التوتر والقلق على مزاجنا وإنتاجيتنا وقدرتنا على التفاعل مع الآخرين، والأكثر إثارة للقلق، على صحتنا البدنية والعاطفية والعقلية والروحانية. بمجرد أن تتأثر صحتنا، فإن استعدادنا وقدرتنا المستقبلية طويلة المدى على التفوق في العمل يمكن أن تقل للغاية. تشير الأدلة إلى أن المستويات المرتفعة والمستمرة للتوتر في العمل يمكن أن تؤدي إلى أزمات قلبية وسكتات دماغية وأمراض أخرى تهدد الحياة.
نحن نصبح متوترين عندما لا تكون حياتنا في حالة “تدفق”، أي عندما لا تنساب الحياة بطريقة مريحة ونحتاج لمقاومة ما يحدث أو نشعر بالعجز عن قبوله. ينتج الكثير من توتر العمل عن الشعور بعدم الراحة و/أو عدم السعادة و/أو مقاومة المطلوب منا ربما الشعور بعدم الراحة تجاه ما يطلب الرئيس الجديد منا فعله، أو مقاومة العمل لساعات إضافية، أو وجود مهام صعبة بشكل خاص يجب علينا إكمالها بنجاح.
أحد تحديات محاولة خفض مستويات التوتر هو أنه يجب عليك أولا أن تدرك أنك متوتر وبأي الطرق يكون توترك. يبدو أن كلا منا يملك مستويات مختلفة من التحمل، قد تواجه حالة لشخصين بظروف عمل متطابقة، حيث يكون أحد الاثنين متوترا للغاية ويبدو عليه علامات جسدية مثل ألم الظهر أو صعوبة النوم أو مشاكل التنفس بينما لا يظهر على الآخر أي أعراض جسدية للتوتر أو القلق على الإطلاق.
تعرف على أعراض التوتر لديك
الوعي بالذات عنصر أساسي، ومعرفة كيف قد يؤثر التوتر عليك كخطوة أولى أمر ضروري قبل أن تستطيع تخطيط كيفية تقليل مستويات التوتر لديك. بأي الطرق يمكن أن تظهر علامات التوتر عليك؟ إليك قائمة بالنقاط التي ستساعدك على اكتشاف كيف يمكن أن تظهر الأعراض عليك.
√ | العرض | √ | العرض |
آلم الظهر | الشعور بالاكتئاب | ||
آلام وأوجاع العضلات | التصرف بانفعال | ||
الشعور بعدم الاهتمام وفقدان الحافز على العمل | مشاكل النوم | ||
عدم الرغبة في الاتصال والتفاعل مع الآخرين | الإصابة بالإعياء | ||
الإحساس بالغضب والانزعاج بسهولة بالغة | الشعور بالقلق | ||
لا تحب ولا تهتم بمن حولك | نوبات الهلع | ||
عادات أكل وشرب مختلفة | نقص التركيز | ||
صداع وتشوش الرؤية | آلام وتقلصات المعدة |
هذه القائمة ليست شاملة وينفرد كل منا بعلامات توتر خاصة. إذا لاحظت أنك تظهر أي علامات محتملة للتوتر، يجب عليك البدء في محاولة تهدئة الأعراض الخاصة بك فورا. قد يتطلب ذلك تناول أقراص منومة لمساعدتك على نوم أفضل أو زيارة خبير بالمعالجة اليدوية لمساعدتك على تخفيف تقلص كتفيك أو ألم ظهرك.
لكن عليك أن تفهم أن هذه الأفعال هي سبل فقط لتقليل آثار التوتر، وأود بقوة تشجيعك على اكتشاف كيف يمكنك القضاء على الأسباب الأساسية لأي نوع من التوتر في حياتك. إذا كان هناك شيء في عملك أو في مكان عملك يسبب شعورك بالتوتر، يجب عليك محاولة تغييره. قد قمت بمساعدة العديد من القادة وفرق عملهم على تقليل مستويات التوتر الخاصة بهم، والإجراءات اللازمة الأكثر شيوعا قد تكون جوهرية للغاية وقد تتطلب احتياج الشخص لتغيير ما يقوم به بهدف العمل لعدد ساعات أقل، أو العمل مع زملاء أكثر لطفا أو رئيس أفضل أو العمل في وظيفة أكثر ملاءمة لنقاط القوة الفطرية الخاصة بهم واهتماماتهم.
ابذل جهدا إضافيا للتعايش مع بيئة العمل المرهقة
في العالم المثالي، قد تكون الطريقة المثالية للقضاء على التوتر في حياتنا هي عن طريق إبعاد أنفسنا عن مسبب أو مسببات التوتر. في الواقع من الناحية الأخرى يمتلك القليل جدا من الأشخاص حرية الابتعاد عن عملهم ومهنهم وأنا لا أقترح أن تقوم بمثل هذا الإجراء الصارم، خاصة عندما قد تكون، دون أن تدرك ذلك بشكل واع، تجذب فقط الحالات المهنية أو المنزلية المشابهة إلى حياتك.
أدرك أن المصدر الرئيسي لتوتر الأشخاص يتعلق بوظيفتهم وأن معظمنا ليس في موضع يمكنه من تغيير الوظيفة بسهولة بهدف إيجاد عمل وبيئات لأماكن عمل أقل إرهاقا. نتيجة لذلك، يجب أن نسأل أنفسنا كيف يمكننا تقليل مستويات التوتر الخاصة بنا عندما قد نضطر إلى البقاء في وظيفة ومكان عمل مرهق. هناك طرق عدة ممكنة لذلك، لكن إليك بعض الاقتراحات الرئيسية لتضعها في اعتبارك:
- استرخ وحاول أن تتجنب التفكير باستمرار في مشاكل العمل والأمور السلبية. حاول ألا تأخذ العمل معك إلى البيت، حتى ولو كان في صورة شكوى وتذمر من مشاكل العمل.
- مرن جسدك كلما كان ذلك ممكنا. ربما تستخدم الدرج بدلا من المصعد، وحاول الاشتراك في صالة تدريب رياضية بالقرب منك، واسع جاهدا للذهاب مرة كل يومين على الأقل.
- لا تجلس لفترة طويلة للغاية على مكتبك وأنت تعمل أمام الكمبيوتر، إن اضطررت إلى ذلك، حاول أن تجعل شركتك تشتري لك مقعدا مريحا يكون جيدا لظهرك وجلستك.
- تناول طعاما وشرابا صحيا قدر الإمكان. إذا كنت مدمنا على قهوتك الصباحية، فحاول أن تتناول كوبا واحدا بدلا من ثلاثة أكواب. عندما نشعر بالتوتر، يمكن أن ننسى أحيانا تناول الطعام والشراب، لذلك ذكر نفسك بتناول الطعام بصورة منتظمة، وحاول أن تشرب المياه على مدار اليوم.
- أن تقول لا، وأن تكون أكثر حزما بشأن احتياجاتك الخاصة.
ساعد الآخرين على تقليل مستوى توترهم
ليس هناك شيء صحي أو إيجابي بخصوص الاضطرار إلى العمل مع زملاء متوترين. يمكن أن يعتبر توترهم أحيانا معديا ويصيبك أنت أيضا. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن أن يأمل الفريق في التفوق إذا كان أعضاء الفريق مثقلين بالتوتر. واحذر هؤلاء الذي يدعون أن بعض التوتر قد يعمل كأسلوب صحي لدفع الناس إلى مزيد من الاجتهاد في العمل.
شجع الآخرين على إدراك مستويات وأعراض التوتر الخاصة بهم، وساعدهم على القضاء على أسباب توترهم أو الحد منها على الأقل. يمكنك تحقيق ذلك عبر تنفيذ ما تقول وأن تظهر بصورة أهدأ وأكثر استرخاء مما كنت معتادا عليه.
يمكن أن يصبح التوتر قاتلا، وهو يشيع في أماكن العمل اليوم إلى حد كبير. قد لا تموت بسبب التوتر، لكن قد يضع التوتر بسهولة نهاية المستويات طاقتك وحماسك وعلاقاتك وصحتك وطريقة تفكيرك. قد لا يكون من السهل إدراك كيف يمكن أن يؤثر عليك التوتر، وقد ترغب في تجاهل أو إنكار بعض العلامات، لكنني أحثك على أن تثابر وتفهم بحق كيف من الممكن أنك تعيش في توتر.
قد يكون توتر العمل لساعات طويلة، أو إدراك آن قائمة “المهام التي يجب إنجازها” تزداد طولا أو أنك تستغرق وقتا طويلا في الطريق من وإلى مقر العمل يوميا. تختلف الأسباب المحتملة للتوتر ويتفاعل كل منا بطرق مختلفة كليا تجاه نفس الأشياء.
تبنٌ عادات و أنشطة من شأنها أن تتصدى لآثار التوتر وتقللها وتساعدك على أن تصبح أكثر استرخاء وصحة. على المدى الأبعد قد تحتاج إلى التفكير في الابتعاد عن مصادر التوتر، وقد يستلزم ذلك البحث عن وظيفة أو مهنة جديدة.
دون الاعتراف بضغوط مكان عملك وتقليلها، سوف يكون من الصعب عليك أن تشعر في الواقع بالتفوق في وظيفتك ومهنتك. قد ترضي مديرك على المدى القصير، وتكون لديك علاقات رائعة مع زملائك وقد تنال ترقية بسرعة بالغة، لكن التوتر الذي تشعر به داخليا سوف يدمر ببطء قدرتك على الاستمرار في التفوق.
حكم وامثال عن التوتر
التوتر هو الشخص الذي تعتقد أنه يجب عليك أن تكون عليه. الاسترخاء هو من تكون”.
مثل صيني
أتعهد لك بأنه لا شيء بمثل الفوضوية التي يبدو عليها. لا شيء يساوي صحتك. لا شيء يستحق أن تسمم نفسك بالتوتر والقلق والخوف
ستيف مارابولي
ليس من المنطقي أن تقلق بشأن أمور لا تملك السيطرة عليها لأنك لا تستطيع فعل أي شيء حيالها، ولماذا تقلق بشأن الأمور التي تتحكم بها؟ إن عملية القلق تبقيك مشلولا
وین دایر
إذا كنت مهموما بسبب أي شيء خارجي، فلن يكون الألم نابعا من الشيء نفسه، بل من تقديرك له؛ ولديك القدرة على الامتناع عن ذلك في أي لحظة.
ماركوس أوريليوس
كلما زاد هدوء الرجل، عظم نجاحه وتأثيره وقدرته على العمل الخير. فهدوء الذهن هو أحد الجواهر الجميلة للحكمة
جيمس ألين