إن معرفة أنفسنا واحدة من أكثر المهارات التي يجب أن نمتلكها أهمية إذا كنا نتمنى أن نحسن طريقة عملنا و تفاعلنا مع الآخرين. هل سبق لك أن نظرت إلى آخرين وتمنيت لو أنهم يعرفون أنفسهم بطريقة أفضل و يتمكنون من رؤية كيف يعبرون عنها؟ ربما تكون قد سمعت أنواع التعليقات التالية تتحدث عن شخص ما:

  • “لو أنه عرف فقط كم يحب صوته”.
  • “إنها تعتقد أنها تهتم، لكنها لا تستمع إلى الآخرين أبدا”.
  • “إنه يتصرف كما لو أنه محاضر عظيم، لكن الناس تنعس عندما يستمعون إليه”.
  • “هي تعتقد أن الجميع يحبها، لكننا جميعا نجدها بغيضة وباردة”.

إن هذه نماذج لما يسمى ب “النقاط العمياء“، والتي يمكن أن تعرف على أنها تلك الأجزاء من شخصية أو سلوك الفرد التي لا يفشل في إدراكها في نفسه، مثل هذه النقاط العمياء تميل إلى أن تكون مناطق ضعف محتملة يمكن للآخرين أن يروها وسوف يتحدثون وينشرون الإشاعات عنها. وهي عادة أشياء نعتقد أننا جيدون فيها أو نفعلها بشكل جيد، لكن يعتقد الآخرون غير ذلك.

إن أي جانب من شخصية المرء وسلوكه يمكن أن تكون نقاطا عمياء محتملة، وإليك بعض الأمثلة النموذجية التي أراها عند توجيه وتدريب الناس :

ما يعتقده المرء ما يراه ويعتقده الآخرون
“أنا شخص متفائل وإيجابي جداً”. “إنه دائم الشكوى والاعتراض “.
“أعتقد أنني مفيدة جداً وأحب أن أدرب طاقمي”. “إنها لا تمتلك وقتاً لنا أبداً وتبدو دائما مشغولة جداً لدرجة تمنعها من الحضور إلى مكان عملنا”.

هل ستكون مستريح فعلا إن بقيت غافلا عن نقاط ضعفك بينما يستطيع زملاؤك في العمل رؤيتها وقد يتحدثون إلى حد كبير وراء ظهرك، ويقومون بالنميمة ويشتكون منك؟ ألن يكون شعورا أفضل وأكثر صحة أن تعرف عن نفسك أكثر مما يعرف أولئك الموجودون حولك؟ في رأيي فإن الإجابة عن هذين السؤالين يجب أن تكون “نعم، بالتأكيد”.

كن مستعدا للبحث عن الحقيقة وتقبلها

إننا غالبا في حالة إنكار وأحيانا نكون غير قادرين تماما على رؤية بعض سلوكياتنا وأفكارنا، لكننا بدلا من ذلك نختار أن نتجاهلها. وهنا نستخدم المقولة القديمة التي تقول، يمكننا غالبا إخفاء الأشياء تحت السجادة.

إنني أشجعك على أن تكون صادقا مع نفسك وأن تقرر ألا تكون في مثل هذه الحالة من الإنكار. بادعائك أن بعض نقاط ضعفك غير موجودة، فإنك تخاطر بأن تظهر بشكل أسوأ إذا تصرفت بطريقة تتجاهل شخصيتك وسلوكك.

قد تشعر بأنك لا تعرف أيا من نقاطك العمياء. من الممكن أن يكون هذا حقيقيا، لكن عليك أن تدرك أننا نعرف أنفسنا أفضل مما نتخيل ويمكن أن يكون استماعنا إلى غرائزنا أو حدسنا أمرا تبصيريا للغاية. إذا كنت حقا لا تستطيع أن تفكر في أي نقاط عمياء، فقم بتجربة الاستراتيجية التالية.

احصل على تقييم من الذين تعمل وتتفاعل معهم

في شركتك كم عدد المرات التي تسعى فيها لأخذ تقييم على عملك وكيفية أدائك في العموم؟ إن في العديد من الشركات اليوم، تقييم العمل يحدث مرة واحدة في العام كجزء من عملية تقييم الأداء وفي بعض الأحيان يعطى التقييم في استمارة استقصاء تتكون من 360 درجة، حيث تتجمع التعليقات دون معرفة قائل كل تعليق.

كي تنجح بحق في عملك أشجعك ببساطة على ألا تعتمد على مثل هذه العمليات السنوية، لكن بدلا من ذلك عليك استباقيا أن تسأل أولئك الذين تعمل معهم عن بعض الخواطر والأفكار الصادقة كإجابة عن الأنواع التالية من الأسئلة:

  • “أنا حريص على فهم نفسي أكثر (في عملي وكزميل لك) وأود أن أطلب منك معروفا كبيرا – هل ستكون على استعداد لإعطائي رأيك عن نقاط قوتي وأيضا عن المواضع التي تحتاج إلى تحسين؛على سبيل المثال، عن كيفية تواصلي وعملي معك ومع زملائنا؟”.
  • “هل هناك أي شيء يزعجك على وجه الخصوص في شخصيتي وكيف أعمل وأتصرف في العمل؟”.
  • “لو كان هناك شيء واحد أستطيع تعلمه و/ أو فعله بشكل أفضل،فماذا يمكن أن يكون؟”.

أكد على أن أي تعليقات أو تقييمات ستظل سرية وأنك لن تغضب من ذلك الزميل أو تصبح سلبيا معه، لكنك بدلا من ذلك ستكون ممتنا جدا لاستعداده وشجاعته على أن يكون منفتحا جدا وصادقا. يجب أن تدرك أن الناس ليسوا معتادين على أن يسألوا مثل هذه الأسئلة الصريحة وقد يشعرون بعدم الارتياح إذا قالوا أشياء سلبية عنك. احترم قرارهم إذا رفضوا أن يقولوا الكثير وربما بإمكانك فتح الموضوع مرة أخرى لاحقا عندما يملكون الوقت ليعتادوا على رغبتك في معرفة الحقائق عن نفسك.

لاحظ أن الآخرين يمكن أن يكونوا متحيزين عمدا أو دون قصد وما يشاركونه معك من الممكن ألا يكون كله صحيحا. هناك مقولة تقول إننا نرى أخطاءنا في الآخرين عندما يقول لك شخص إنك كتوم للغاية أو مزعج في العمل، فربما ذلك يعني أنهم هم أنفسهم يملكون مثل نقاط الضعف تلك والتي يقومون بتسليطها عليك. فاستخدم منطقك السليم واطلب آراء الآخرين لتحصل على نظرة متوازنة للمواضع التي تحتاج إلى تحسين.

اعمل على التغلب على نقاطك العمياء

لا يكفي أن تعلم من الآخرين عن بعض نقاط ضعفك المجهولة السابقة. إذا قام زميل بمشاركتك بأنك لا تستمع بما يكفي، أو أنك تغضب بسهولة شديدة في الاجتماعات، أو أن رسائل بريدك الإلكتروني دائما ما تكون طويلة جدا وغير واضحة، كن على استعداد أن تتصرف بناء على نصائحه وأن تعمل كي تتحسن في هذه المواضع.

يمكن أن يبدو من الشاق أن تضطر إلى مواجهة نقاط ضعفك ثم تضطر إلى العمل على تحسينها. لماذا لا تختار الأسهل أولا -والذي يسمى “الفاكهة الدانية”– وتعمل عليه لفترة؟ أود أن أنصحك أن تستمر في السعي للحصول على تقييم من الذين تثق بهم، وتسألهم إذا كانوا يستطيعون أن يروا أي تغيير إيجابي أو تحسن في مواضع معينة.

حكم وامثال عن النفس

“معرفة نفسك هي البداية لكل الحكمة”. أرسطو

“لا يهم في أي مجال تعمل. فالأشخاص لديهم نقاط عمياء بخصوص ما هم ضعفاء فيه”. سکوت إرکر

“من يعرف الآخرين حکیم؛ ومن يعرف نفسه مستنير”. لاو تزو

“لن ترضى أبدا بما تملك؛ حتى تتصالح مع نفسك”. دوریس مورتمان

“اعرف نفسك. لا تعتقد أن إعجاب كلبك دليل قاطع على روعتك”. أن لاندرز

اتمنى ان تكون الاقتباسات الخمسة التي في قراءتها بالاعلى قد بدأت الآن تجد صداها لديك وأنك تستطيع أن تشعر بأهمية معرفة نفسك على علاتها، كما يقول المثل. ليس هناك سبيل يمكنك من أن تكون ناجحا في العمل على أساس ثابت وبخطى متواصلة إذا استمررت في الجهل بالمواضع التي تحتاج منك أن تنميها وتحسنها.

لا أحد يقول إنه يجب عليك أن تكون مثاليا في غضون ليلة، لكن على الأقل اهدف إلى معرفة نفسك معرفة جيدة جداً.

لقد أدركت أن طلب مساعدة الآخرين -بما في ذلك طلب تقييم كما في الاستراتيجية الثانية التي سبق ذكرها يتطلب شجاعة عظيمة، وأنك ستحتاج إلى التأكد من أنك لن تسمح لنفسك أن تغضب كثيرا لما ستسمع.

ومن خلال قراءتك لمقالاتنا القادمة ستستكشف كل أنواع المهارات و السلوكيات والأفعال التي تستطيع توظيفها لمساعدتك على تحقيق النجاح في العمل والمهنة. وبقيامك بذلك، ستجد مواضع كثيرة محتملة من النقاط العمياء، والتي سوف تستطيع الآن أن تفهمها وتتخطاها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *