لدي مفاجأة أخرى؛ فلقد وافق “جون بوجل” أيضا على التحدث إلي عن سوق الأسهم.

“جون بوجل” هو مؤسس ورئيس مجلس الإدارة لشركة فانجارد جروب، والتي أسسها في عام 1974، وهو أيضا مؤلف عشرة كتب، منها The Little Book of Common Sense Investing (دار نشر وايلي) و Common Sense on Mutual Funds ( دار نشر وايلي). وهو مناصر بقوة للاستثمار طويل الأجل في صناديق الاستثمار المشتركة المرتبطة بالمؤشرات.

المحاور: متى خطرت لك فكرة شراء أسهم المؤشرات لأول مرة؟ 

بوجل: يعود الأمر إلى عام 1951، عندما كنت في جامعة برنستون. فقد كتبت أطروحة التخرج عن مجال صناديق الاستثمار المشتركة، وقد قمت بفحص العديد من الصناديق ودرست بياناتها. واستنتجت من أبحاثي – التي أعترف بأنها كانت سطحية إلى حد ما – أنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل ،  بالنسبة لصناديق الاستثمار المشتركة أن تتفوق باستمرار على مؤشرات السوق. ومن هنا بدأ الأمر بالنسبة لي . 

المحاور: كيف أسست أول صندوق مؤشرات في شركة فانجارد؟ 

بوجل: عندما تأسست فانجارد في عام 1974، كنا في موضع مثالي لتشكيل أول صندوق مؤشرات في العالم. وقد ألهمني مقال نشر في عام 1974 في دورية جورنال أوف بورتفولیو مانجمنت كتبها عالم الاقتصاد “بول سامويلسون”، والذي كان أحد أعظم علماء الاقتصاد في القرن العشرين. وقد تحدى “بول” أي شخص يجد “دليلا دامغا” على أن المديرين النشطين يمكنهم هزيمة السوق، ونادي بإنشاء صندوق للمؤشرات، وفي عام 1975، كان أول قرار كبير متعلق بالعمل لي في فانجارد هو تأسيس أول صندوق استثمار مشترك متعلق بالمؤشرات في العالم، وكان د. “سامويلسون” أكبر الداعمين لي. وقد عقب على ذلك بكتابة مقالة من أربع صفحات في مجلة نيوزويك ، والتي قال فيها إن الله قد استجاب لدعواته، وقد كان من المهم بالنسبة لي أن أحظى بهذا الدعم .

المحاور : هل سار مجال صناديق الاستثمار المشتركة على خطاك؟ 

بوجل، ليس في البداية. لقد كان هناك ملصق منتشر في وول ستريت مكتوب عليه “صناديق المؤشرات غير أمريكية” لم يفهم مجال الصناديق المشتركة لماذا يريد أي شخص أن یکون ذا مستوى متوسط. بالإضافة إلى أن معظم العاملين في المجال لم يكونوا يسعون إلى تقليل التكلفة على المستثمرين، بل كان هدفهم زيادة عائدات شركات إدارة صناديق الاستثمار المشتركة من خلال جمع الأصول وزيادة الرسوم. ولم تبدأ صناديق المؤشرات في النمو إلا بحلول تسعينيات القرن الماضي. 

المحاور: لماذا يروقك ربط الصناديق بالمؤشرات؟ 

بوجل: صناديق المؤشرات تلغي النفقات من النظام وتضمن حصول المستثمرين على حصتهم العادلة من عائدات سوق الأسهم. هذا أمر بسيط، غير أنه قد يكون مهم لبعض الأشخاص 

المحاور: ما رأيك في صناديق المؤشرات المتداولة في البورصة؟

بوجل: لا أعرف ما إذا كنت موافقا أم غير موافق عليها. إذا كنت ستشتري صندوق استثمار متداولا مثل VTI(Vanguard To -tal stock Market ETF)  أو  SPY ( SPDR S&P 500 ) فليس هناك سبب يمنعك من الاستثمار طويل الأجل. تكلفة الاحتفاظ بصندوق استثمار متداول وما أطلق عليه صندوق مؤشرات تقليدي هي تقريبا واحدة.

الفرق أنه مع صندوق الاستثمار المتداول، يمكنك أن تتداول طوال اليوم، وهو ما لا يمكنك القيام به مع صندوق مؤشرات تقليدي؛ ولذا يجب أن نطرح على أنفسنا هذا السؤال: هل ذلك فرصة أم لعنة؟ أنا أقول إنها لعنة – فكرة التداول “طوال اليوم، في الوقت الفعلي” هي فكرة سخيفة. 

المحاور: ما رأيك في صناديق الاستثمار المتداولة؟ 

بوجل: من حيث الأساس، صناديق الاستثمار المتداولة التي لها قاعدة عريضة لا بأس بها طالما أنك لا تتداولها، لكنها يتم تداولها كثيرا من قبل المؤسسات في الأساس، لكن المؤسسات لها طبيعة مختلفة؛ فهي عادة ما تضارب على تغيرات السوق وتريد تعرضا مؤقتا للسوق. في رأيي، صناديق الاستثمار المتداولة هي أعظم ابتكار تسويقي خاص بصناديق الاستثمار المشتركة في هذا القرن، لكنني أشك فيما إذا كانت ابتكارا استثمارا جيدا أم لا. من سوء الحظ أن العاملين في مجال التسويق لا يبالون ما إذا كانت صناديق الاستثمار المتداولة جيدة للمستثمرين أم لا 

المحاور: هل هناك مشكلات أخرى في صناديق الاستثمار المتداولة؟ 

بوجل: إحدى المشكلات هي أن الناس يمكن أن ينتقلوا من التركيز على صناديق استثمار متداولة ذات قاعدة عريضة إلى صناديق استثمار متداولة مضاربة ذات مديونية تبلغ ثلاثة أضعاف. وأسمي هذا الأقلية المجنونة. فهناك الكثير من المخاطرة، وهى صناديق غير منوعة. صناديق الاستثمار المتداولة غير المنوعة هذه لديها خصائص متعلقة بالمضاربة لا أحب أيا منها. 

المحاور: أنت تؤمن إيمانا قويا بالاستثمار طويل الأجل. ماذا إذا رأيت سوقا هابطة قادمة؟ هل يجب أن تظل محتفظاً بالأسهم؟

بوجل: نعم، أولا، يجب أن تكون أسهمك منوعة تنويعا جيدا وتخصيص أصولك يجب أن يكون صحيحا. 60٪ أسهما و40 ٪ سندات هو نسبة جيدة للبدء من عندها. إذا رأيت بوادر سوق هابطة، فعليك أن تخرج من السوق وهي في حالة ذروة، وتعود عندما تصل إلى أدنى مستوى لها، لكني لا أعرف أحدا يستطيع أن يخبرك على وجه الدقة متى يحين موعد السوق الهابطة، وأنا بالتأكيد لا أستطيع أن أخبرك متى ستنتهي، وهكذا، يجب أن تكون محقا بكل تأكيد. واحتمالات حدوث ذلك صغيرة للغاية، ما يحتم عليك الالتزام بخطة الاستثمار طويل الأمد. إنها النصيحة جيدة أن تخبرني متى أتخلص من الأسهم قبل السوق الهابطة، لكن هل يمكن أن تخبرني متى يحين وقت العودة؟ أعتقد أن المستثمرين يجب أن يظلوا في مسارهم سواء كانت السوق هابطة أم لا. لا تحاول أن تكون أذكى من السوق. 

المحاور: ماذا تقترح؟ 

بوجل: لا تبال كثيرا بالتقلبات اليومية لسوق الأسهم. إذا كانت لديك محفظة استثمارية منوعة ذات تكاليف منخفضة، فابق في مسارك. أجل، أنت ربما ستكون محقا إذا خرجت من السوق وهو مرتفع وتعود عندما يصل لأدنى هبوط له، لكنني لا أعرف شخصا فعل ذلك في الواقع، ولا أعرف شخصا يعرف شخصا آخر فعل ذلك. 

المحاور: لماذا يجب أن يبدأ الشخص بصناديق المؤشرات؟ 

بوجل: إذا تخرجت في الجامعة واستطعت وضع مائتي دولار في صندوق مؤشرات، وهو الاختيار الوحيد الذكي، ستتعلم كيف يعمل السوق، وستتعلم ما يحدث عندما ترتفع وتهبط الأسعار، وستتعرف على حكمة إستراتيجية الاستثمار طويل الأجل. لا تحاول أن تربط نفسك بالحالة الآنية للسوق، لكن التزم بإستراتيجية استثمار منضبطة طويلة الأمد. أستثمر ما يمكنك توفيره كل شهر، ولا تقلق بما تفعله السوق. لا يهم. عندما تعاني السوق تعاني هبوطا بمقدار ۵۰٪، يصاب الناس بالذعر ويفكرون في الخروج؛ فتقودهم عواطفهم إلى الاتجاه الخطأ. لا تسقط في ذلك الفخ، بل واصل الاستثمار كل شهر وحسب دون أن تقلق من الحركة الآنية الأسعار الأسهم، انظر وحسب إلى البيانات ربع السنوية، وعلى مدار عمر الاستثمار ستكون راضيا بشكل كبير عن عائداتك. وسترى أنك نجحت أكثر بكثير من معظم الأشخاص الآخرين الذين تركوا عواطفهم تستحوذ عليهم وتنال منهم.

المحاور: هل يجب أن أبيع في وقت من الأوقات؟

بوجل: بالتدريج، عندما تدخل الثلاثينات والأربعينات من العمر ولديك المزيد من المال على المرحلة، يجب أن تبدأ في تنويع بعض من أصولك في صناديق مؤشرات الأسهم. أنت تريد أن تغير توزيعك للأصول بشكل متدرج من خلال تقليل مركز أسهمك، وتعزز مركز سنداتك. وعلى مر التاريخ، تجلب صناديق مؤشرات الأسهم بوجه عام أرباحا أعلى من صناديق مؤشرات السندات، غير أن الحال لا تكون دائما كذلك.

المحاور: هل يجب على المستثمرين شراء الأسهم الفردية والاحتفاظ بها؟

 بوجل: إذا كنت أحد هؤلاء الأشخاص المحظوظين النادرين الذين يعرفون كيف يختارون الأسهم الرابحة، فيجب عليك بكل تأكيد أن تشتري أسهما جيدة وتنسی صناديق المؤشرات. لكني لا أعرف كيف تفعل ذلك التاريخ واضح جدا في مسألة أن ما نعتقد أنها أسهم جيدة في الكثير من الحالات يتضح أنها أسهم كارثية، انظر إلى الأمر بهذه الطريقة: الناس يحبون المغامرة ، والمستثمرون ليسوا استثناء المنهجية في وول ستريت هي نفسها في لاس فيجاس. أنت تراهن على الأحمر، وآخرون يراهنون على الأسود، لكن على المدى الطويل، تربح صالة المراهنات فقط. وول ستريت هو موزع الورق في المنتصف الذي لا يبالي بما تفعله طالما أنك تفعل شيئا.

المحاور: ماذا عن المستثمرين الذين تعتقد أنه يمكنهم هزيمة السوق؟

بوجل: أولا، يجب أن تؤسس محفظة استثمار طويل الأجل بها مزيج ملائم من صناديق مؤشرات الأسهم والسندات. هذا هو حساب أموالك الجدي، هذا هو المال الذي تحتاج إليه للتقاعد، وهو يجب أن يكون من 90 إلى 95 ٪ من أصولك القابلة للاستثمار. من الممل جدا مراقبته، لكنه مهم عندما تكون جاهزا للتقاعد، خذ اله ٪ الأخرى من أصولك واستخدمها ك “مال هزلي”. وأنا أنصح بإنشاء حساب منفصل لمالك الهزلي، ويمكنك أن تقوم بالتداول في ذلك الحساب فيما تريد. بعض الأشخاص لديهم غريزة المجازفة، وفي هذا الحساب يمكنك أن تقوم بتداول الأسهم الفردية. بعد خمس سنوات، راجع عائداتك وانظر ما إذا كنت قد تغلبت بالفعل على السوق أم لا. هل فعلت ذلك؟ أعتقد أن احتمال تحقيقك ذلك ليس صفرا، إنما ۱ أو ۲٪ .

المحاور: لماذا لا يشتري الجميع صناديق المؤشرات؟

بوجل: فكرة صناديق المؤشرات معارضة للحدس بشكل ما، وهي فكرة أنه لا يستطيع أحد أن يتفوق على المؤشرات بشكل مستمر. إذا قال لك بائع إنه يجب ألا تصدق هراء صناديق المؤشرات وإن صندوقه أفضل، فقد يكون من الصعب مقاومة ذلك، لكنه لا يخبرك بأن العديد من شركات الصناديق النشطة تغير المديرين كثيرا. عندما تدرج كل النفقات الإضافية التي تتكبدها كل الصناديق التي يديرها مديرون نشطون، فما احتمالات تفوق مديري كل هذه الأصول على السوق؟ أنا لا أقول صفرا، لكن ربما 0.0001 % . لكن مديري الأصول هم مسوقون عظماء، ولا يركزون إلا على الصناديق التي تتغلب على السوق.

المحاور، ما نصيحتك الأخيرة للمستثمرين في الأسهم؟

بوجل: على المدى الطويل، عائد الاستثمار يحركه الاقتصاد، وليس العاطفة. تزداد قيمة الشركات مع الوقت من خلال مدفوعات الأرباح الموزعة ونمو المكاسب المحققة. وعلى المدى الطويل جدا، عائدات سوق الأسهم تساوي عائدات الشركات. أما على المدى القصير، فيصعب التكهن بالنتيجة. تمسك بالاستثمار طويل الأجل، واستمتع بالعائدات التي تربحها الشركات الأمريكية وستستمر في ربحها.

مقالات مهمة عن الاسهم

استراتيجيات التداول

شروحات تهمك عن الاسهم

مقالات ذات صلة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *